للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بينهم. وكذا قال الربيع بن خُثَيم (١) والحسن، وقتادة. واختاره ابن جرير، وهو الصحيح.

قول آخر في قوله: (وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ) قال ابن أبي حاتم:

حدثنا علي بن الحسين بن الجنيد، حدثنا أحمد بن عبد الرحمن، حدثني أبي، عن أبيه، عن أشعث [بن سوار] (٢)، عن جعفر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: يسيل واد من أصل العرش من ماء فيما بين الصيحتين، ومقدار ما بينهما أربعون عاما، فينبت منه كل خلق بلي، من الإنسان أو طير أو دابة، ولو مر عليهم مار قد عرفهم قبل ذلك لعرفهم على الأرض. قد نبتوا، ثم تُرسَل الأرواح فتزوج الأجساد، فذلك قول الله تعالى (٣): (وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ)

وكذا قال أبو العالية، وعكرمة، وسعيد بن جبير، والشعبي، والحسن البصري أيضا في قوله: (وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ) أي: زوجت بالأبدان. وقيل: زوج المؤمنون بالحور العين، وزوج الكافرون بالشياطين. حكاه القرطبي في "التذكرة" (٤).

وقوله: (وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ) هكذا قراءة الجمهور: (سُئلَت) والموءودة هي التي كان أهل الجاهلية يدسونها في التراب كراهية البنات، فيوم القيامة تسأل الموءودة على أي ذنب قتلت، ليكون ذلك تهديدا لقاتلها، فإذا (٥) سئل المظلوم فما ظن الظالم إذا؟!

وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: (وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ) أي: سألت. وكذا قال أبو الضحى: "سألت" أي: طالبت بدمها. وعن السدي، وقتادة، مثله (٦).

وقد وردت أحاديث تتعلق بالموءودة، فقال الإمام أحمد:

حدثنا عبد الله بن يزيد، حدثنا سعيد بن أبي أيوب، حدثني أبو الأسود-وهو: محمد بن عبد الرحمن بن نوفل-عن عروة، عن عائشة، عن جُدَامة بنت وهب-أخت عكاشة-قالت حضرتُ رسولَ الله في ناس وهو يقول: " لقد هممت أن أنهى عن الغيلَة، فنظرت في الروم وفارس فإذا هم يُغيلُونَ أولادهم، ولا يضر أولادهم ذلك شيئا". ثم سألوه عن العزل، فقال رسول الله : " ذلك الوأد الخفي، وهو الموءودة سئلت".

ورواه مسلم من حديث أبي عبد الرحمن المقرئ-وهو عبد الله بن يزيد-عن سعيد بن أبي أيوب (٧) ورواه أيضا ابن ماجة، عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن يحيى بن إسحاق السيلحيني، عن يحيى بن أيوب (٨) ورواه مسلم أيضا وأبو داود والترمذي، والنسائي، من حديث مالك بن


(١) في أ: "خيثم".
(٢) زيادة من م.
(٣) في م، أ: "قول الله ﷿".
(٤) التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة (ص ٢١٣).
(٥) في م: "فإنه إذا".
(٦) انظر: تفسير الطبري (٣٠/ ٤٥)، والبحر المحيط لأبي حيان (٨/ ٤٣٣).
(٧) المسند (٦/ ٤٣٤)، وصحيح مسلم برقم (١٤٤٢).
(٨) سنن ابن ماجة برقم (٢٠١١)