للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

إذا سَوّيتك وعدلتك، مشيت بين بردين وللأرض منك وَئِيدٌ، فجَمَعت ومَنعت، حتى إذا بلغت التراقي قلتَ: أتصدقُ، وأنَّى أوانُ الصدقة".

وكذا رواه ابن ماجة، عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن يزيد بن هارون، عن حَريز بن عثمان، به (١).

قال شيخنا الحافظ أبو الحجاج المزِّي: وتابعه يحيى بن حمزة، عن ثور بن يزيد، عن عبد الرحمن بن ميسرة (٢).

وقوله: (فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ) قال مجاهد: في أي شَبَه أب أو أم أو خال أو عم؟

وقال ابن جرير: حدثني محمد بن سنان القزاز، حدثنا مُطَهَّر بن الهيثم، حدثنا موسى بنُ عُلَيِّ بن رَبَاح، حدثني أبي، عن جدي: أن النبي قال له: "ما ولد لك؟ " قال: يا رسول الله، ما عسى أن يُولَد لي؟ إما غلام وإما جارية. قال: "فمن يشبه؟ ". قال: يا رسول الله، من عسى أن يشبه؟ إما أباه وإما أمه. فقال النبي عندها: "مه. لا تقولَنَّ هكذا، إن النطفة إذا استقرت في الرحم أحضرها الله كل نسب بينها وبين آدم؟ أما قرأت هذه الآية في كتاب الله: (فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ) " قال: سَلَكك (٣).

وهكذا رواه ابن أبي حاتم والطبراني، من حديث مُطهر بن الهيثم، به (٤) وهذا الحديث لو صح لكان فيصلا في هذه الآية، ولكن إسناده ليس بالثابت؛ لأن "مُطَهَّر بن الهيثم" قال فيه أبو سعيد بن يونس: كان متروك الحديث. وقال ابن حبان: يُرْوى عن موسى بن علي وغيره ما لا يُشبهُ حَديثَ الأثبات. ولكن في الصحيحين عن أبي هُرَيرة أن رَجُلا قال: يا رسول الله، إن امرأتي وَلَدت غُلامًا أسودَ؟. قال: "هل لك من إبل؟ ". قال: نعم. قال: "فما ألوانها؟ " قال: حُمر. قال: "فهل فيها من أورَق؟ " قال: نعم. قال: "فأنى أتاها ذلك؟ " قال: عسى أن يكون نزعة عِرْق. قال: "وهذا عسى أن يكون نزعة عرق" (٥).

وقد قال عكرمة في قوله: (فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ) إن شاء في صورة قرد، وإن شاء في صورة خنزير. وكذا قال أبو صالح: إن شاء في صورة كلب، وإن شاء في صورة حمار، وإن شاء في صورة خنزير.

وقال قتادة: (فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ) قال: قادر-والله -ربنا على ذلك. ومعنى هذا القول عند هؤلاء: أن الله، ﷿، قادر على خلق النطفة على شكل قبيح من الحيوانات


(١) المسند (٤/ ٢١٠) وسنن ابن ماجة برقم (٢٧٠٧) وقال البوصيري في الزوائد (٢/ ٣٦٥): "إسناد صحيح رجاله ثقات".
(٢) تحفة الأشراف للمزي (٢/ ٩٧).
(٣) في م: "شكلك".
(٤) المعجم الكبير (٥/ ٧٤).
(٥) صحيح البخاري برقم (٥٣٠٥) وصحيح مسلم برقم (١٥٠٠).