للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال علي ابن أبي طلحة، عن ابن عباس: (طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ) حالا بعد حال. وكذا قال عكرمة ومُرَة الطّيِّب، ومجاهد، والحسن، والضحاك [ومسروق وأبو صالح] (١).

ويحتمل أن يكون المراد: (لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ) حالا بعد حال. قال: هذا، يعني المراد بهذا نبيكم ، فيكون مرفوعا على أن "هذا" و "نبيكم" يكونان مبتدأ وخبرا، والله أعلم. ولعل هذا قد يكون هو المتبادر إلى كثير من الرواة، كما قال أبو داود الطيالسي وغُنْدَر: حدثنا شعبة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: (لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ) قال: محمد . ويؤيد هذا المعنى قراءةُ عمر، وابن مسعود، وابن عباس، وعامة أهل مكة والكوفة: "لَتَرْكَبَنّ" بفتح التاء والباء.

قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو سعيد الأشج، حدثنا أبو أسامة، عن إسماعيل، عن الشعبي: (لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ) قال: لتركَبن يا محمد سماء بعد سماء. وهكذا رُوي عن ابن مسعود، ومسروق، وأبي العالية: (طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ) سماء بعد سماء.

قلت: يعنون ليلة الإسراء.

وقال أبو إسحاق، والسدي (٢) عن رجل، عن ابن عباس: (طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ) منزلا على منزل. وكذا رواه العوفي، عن ابن عباس مثله-وزاد: "ويقال: أمرا بعد أمر، وحالا بعد حال".

وقال السدي نفسهُ: (لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ) أعمال من قبلكم منزلا بعد منزل.

قلت: كأنه أراد معنى الحديث الصحيح: "لتركبن سَنَنَ من كان قبلكم، حَذْو القُذَّة بالقُذَّة، حتى لو دخلوا جُحر ضَبِّ لدخلتموه". قالوا: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال: "فمن؟ " (٣) وهذا محتمل.

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا هشام بن عمار، حدثنا صدقة، حدثنا ابن جابر، أنه سمع مكحولا يقول في قول الله: (لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ) قال: في كل عشرين سنة، تحدثون أمرا لم تكونوا عليه.

وقال الأعمش: حدثني إبراهيم قال: قال عبد الله: (لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ) قال: السماء تنشق ثم تحمر، ثم تكون لونا بعد لون.

وقال الثوري، عن قيس بن وهب، عن مرة، عن ابن مسعود: (طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ) قال: السماء مَرةً كالدهان، ومرة تنشق.

وروى البزار من طريق جابر الجعفي، عن الشعبي، عن علقمة، عن عبد الله بن مسعود: (لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ) يا محمد، يعني حالا بعد حال. ثم قال: ورواه جابر، عن مجاهد، عن ابن عباس.


(١) زيادة من م.
(٢) في م: "عن السدي".
(٣) تقدم تخريج الحديث عند تفسير الآية: ٣٤ من سورة التوبة.