للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقيل: المراد بذلك العشر الأول من المحرم، حكاه أبو جعفر ابن جرير ولم يعزه إلى أحد (١) وقد روى أبو كُدَيْنة، عن قابوس بن أبي ظِبْيان، عن أبيه، عن ابن عباس: (وَلَيَالٍ عَشْرٍ) قال: هو العشر الأول من رمضان.

والصحيح القول الأول؛ قال الإمام أحمد:

حدثنا زيد بن الحباب، حدثنا عَيَّاش بن عقبة، حدثني خَير بن نُعَيم، عن أبي الزبير، عن جابر، عن النبي قال: "إن العشر عشر الأضحى، والوتر يوم عرفة، والشفع يوم النحر".

ورواه النسائي عن محمد بن رافع وعبدة بن عبد الله، كل منهما عن زيد بن الحباب، به (٢) ورواه ابن جرير وابن أبي حاتم، من حديث زيد بن الحباب، به (٣) وهذا إسناد رجاله لا بأس بهم، وعندي أن المتن في رفعه نكارة، والله أعلم.

وقوله: (وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ) قد تقدم في هذا الحديث أن الوتر يوم عرفة، لكونه التاسع، وأن الشفع يوم النحر لكونه العاشر. وقاله ابن عباس، وعكرمة، والضحاك أيضا.

قول ثان: وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو سعيد الأشج، حدثني عقبة بن خالد، عن واصل ابن السائب قال: سألت عطاء عن قوله: (وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ) قلتُ: صلاتنا وترنا هذا؟ قال: لا ولكن الشفع يوم عرفة، والوتر ليلة الأضحى.

قول ثالث: قال ابن أبي حاتم: حدثنا محمد بن عامر بن إبراهيم الأصبهاني، حدثني أبي، عن النعمان -يعني ابن عبد السلام-عن أبي سعيد بن عوف، حدثني بمكة قال: سمعتُ عبد الله بن الزبير يخطب الناس، فقام إليه رجلٌ فقال: يا أمير المؤمنين، أخبرني عن الشفع والوتر. فقال: الشفع قول الله، ﷿: ﴿فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ﴾ والوتر قوله: ﴿وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ﴾ [البقرة: ٢٠٣].

وقال ابن جريج: أخبرني محمد بن المرتفع أنه سمع ابن الزبير يقول: الشفع أوسط أيام (٤) التشريق، والوتر آخر أيام التشريق.

وفي الصحيحين من رواية أبي هُرَيرة، عن رسول الله : "إن لله تسعة وتسعين اسما، مائة إلا واحدا، من أحصاها دخل الجنة، وهو وتر يحب الوتر" (٥).

قول رابع: قال الحسن البصري، وزيد بن أسلم: الخلق كلهم شفع، ووتر، أقسم تعالى بخلقه. وهو رواية عن مجاهد، والمشهور عنه الأول.


(١) في أ: "إلى واحد".
(٢) المسند (٣/ ٣٢٧) وسنن النسائي الكبرى برقم (١٦٧١).
(٣) تفسير الطبري (٣٠/ ١٠٨).
(٤) في أ: "الشفع الأيام من".
(٥) صحيح البخاري برقم (٦٤١٠) وصحيح مسلم برقم (٢٦٧٧).