للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رسولهم من الهدى واليقين.

(إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا) أي: أشقى القبيلة، هو قُدَار بن سالف عاقرُ الناقة، وهو أحيمر ثمود، وهو الذي قال تعالى: ﴿فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ﴾ [القمر: ٢٩]. وكان هذا الرجل عزيزًا فيهم، شريفًا في قومه، نسيبًا رئيسًا مطاعًا، كما قال الإمام أحمد:

حدثنا ابن نمير، حدثنا هشام، عن أبيه، عن عبد الله بن زَمْعَةَ قال: خطب رسول الله ، فذكر الناقة، وذكر الذي عقرها، فقال: " (إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا) انبعث لها رجل عارم عزيز منيع في رهطه، مثل زمعة".

ورواه البخاري في التفسير، ومسلم في صفة النار، والترمذي والنسائي في التفسير من سننهما (١) وكذا ابن جرير وابن أبي حاتم [من طرق] (٢) عن هشام بن عروة، به (٣).

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو زُرْعَة، حدثنا إبراهيم بن موسى، حدثنا عيسى بن يونس، حدثنا محمد بن إسحاق، حدثني يزيد بن محمد بن خُثَيم (٤) عن محمد بن كعب القرظي، عن محمد بن خُثَيم (٥) أبي يزيد عن عمار بن ياسر قال: قال رسول الله لعلي: "ألا أحدثك بأشقى الناس؟ ". قال: بلى: قال: "رجلان؛ أحيمر ثمود الذي عَقَر الناقة، والذي يضربك يا عليّ عَلَى هذا -يعني قَرنه-حتى تبتل منه هذه" يعني: لحيته (٦).

وقوله: (فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ) يعني: صالحًا، : (نَاقَةُ اللَّهِ) أي: احذروا ناقة الله أن تمسوها بسوء، (وَسُقْيَاهَا) أي: لا تعتدوا عليها في سقياها، فإن لها شرب يوم ولكم شرب يوم معلوم. قال الله: (فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا) أي: كذبوه فيما جاءهم به فأعقبهم ذلك أن عقروا الناقة التي أخرجها الله من الصخرة آية لهم وحجة عليهم، (فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ) أي: غضب عليهم، فدمر عليهم، (فَسَوَّاهَا) أي: فجعل العقوبة نازلة عليهم على السواء.

قال قتادة: بلغنا أن أحيمر ثمود لم يعقر الناقة حتى تابعه صغيرهم وكبيرهم، وذكرهم وأنثاهم، فلما اشترك القوم في عقرها دمدم الله عليهم بذنوبهم (٧) فسواها.

وقوله: (وَلا يَخَافُ عُقْبَاهَا) وقرئ: "فلا يخاف عقباها".


(١) في م: "من سننيهما".
(٢) زيادة من م.
(٣) المسند (٤/ ١٧) وصحيح البخاري برقم (٤٩٤٢) وصحيح مسلم برقم (٢٨٥٥) وسنن الترمذي برقم (٣٣٤٣) وسنن النسائي الكبرى برقم (١١٦٧٥) وتفسير الطبري (٣٠/ ١٣٧).
(٤) في أ: "خيثم".
(٥) في أ: "خيثم".
(٦) ورواه البخاري في التاريخ الكبير (١/ ٧١) عن إبراهيم بن موسى به، ورواه أبو نعيم في الدلائل (ص ٤٨٥) من طريق محمد بن سلمة، عن ابن إسحاق به، وقال البخاري: "هذا إسناد لا يعرف سماع يزيد من محمد ولا محمد بن كعب من ابن خثيم ولا ابن خثيم من عمار".
(٧) في م، أ: "بذنبهم".