للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه قال: عرض على رسول الله ما هو مفتوح على أمته من بعده كنزا كنزا، فسر بذلك، فأنزل الله: (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى) فأعطاه في الجنة ألف ألف قصر، في كل قصر ما ينبغي له من الأزواج والخدم. رواه ابن جرير (١) من طريقه، وهذا إسناد صحيح إلى ابن عباس: ومثلُ هذا ما يقال إلا عن توقيف.

وقال السدي، عن ابن عباس: من رضاء محمد ألا يدخل أحد من أهل بيته النار. رواه ابن جرير، وابن أبي حاتم.

وقال الحسن: يعني بذلك الشفاعة. وهكذا قال أبو جعفر الباقر.

وقال أبو بكر بن أبي شيبة: حدثنا معاويةُ بن هشام، عن علي بن صالح، عن زيد بن أبي زياد، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله قال: قال رسول الله : "إنا أهلُ بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى) (٢).

ثم قال تعالى يعدد نعَمه عل عبده ورسوله محمد، صلوات الله وسلامه عليه: (أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى) وذلك أن أباه تُوفّي وهو حَملٌ في بطن أمه، وقيل: بعد أن ولد، ، ثم توفيت أمه آمنة بنت وهب وله من العمر ست سنين. ثم كان في كفالة جده عبد المطلب، إلى أن توفي وله من العمر ثمان سنين، فكفله عمه أبو طالب. ثم لم يزل يحوطه وينصره ويَرفع من قَدره وَيُوقّره، ويكفّ عنه أذى قومه بعد أن ابتعثه الله على رأس أربعين سنة من عمره، هذا وأبو طالب على دين قومه من عبادة الأوثان، وكل ذلك بقدر الله وحُسن تدبيره، إلى أن تُوفي أبو طالب قبل الهجرة بقليل، فأقدم عليه سفهاء قريش وجُهالهم، فاختار الله له الهجرة من بين أظهرهم إلى بلد الأنصار من الأوس والخزرج، كما أجرى الله سُنَّته على الوجه الأتم والأكمل. فلما وصل إليهم آوَوه ونَصَرُوه وحاطوه وقاتلوا بين يديه، أجمعين، وكل هذا من حفظ الله له وكلاءته وعنايته به.

وقوله: (وَوَجَدَكَ ضَالا فَهَدَى) كقوله ﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [الشورى: ٥٢] ومنهم من قال [إن] (٣) المراد بهذا أنه، ، ضل في شعاب مكة وهو صغير، ثم رجع. وقيل: إنه ضل وهو مع عمه في طريق الشام، وكان راكبًا ناقة في الليل، فجاء إبليس يعدل بها عن الطريق، فجاء جبريل، فنفخ إبليس نفخة ذهب منها إلى الحبشة، ثم عدل بالراحلة إلى الطريق. حكاهما البغوي.


(١) في أ: "رواه ابن جرير وابن أبي حاتم".
(٢) ورواه البغوي في شرح السنة (١٤/ ٢٤٨) من طريق ابن أبي شيبة فذكره دون الآية، ورواه ابن أبي شيبة في المصنف (١٥/ ٢٣٦) بهذا الطريق ولم يذكر الآية، ولعل ذكرها وقع في كتاب التفسير، ورواه ابن ماجة في السنن برقم (٤٠٨٢) عن عثمان بن أبي شيبة، عن معاوية بن هشام به، وقال البوصيري في الزوائد (٣/ ٢٦٢): "هذا إسناد فيه يزيد بن أبي زياد الكوفي مختلف فيه".
(٣) زيادة من م.