للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عليكم صيامه، تفتح فيه أبواب الجنة، وتغلق فيه أبواب الجحيم، وتغل فيه الشياطين، فيه ليلة خير من ألف شهر، من حُرم خَيرَها فقد حُرم".

ورواه النسائي، من حديث أيوب، به (١).

ولما كانت ليلة القدر تعدل عبادتها عبادة ألف شهر، ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة أن رسول الله قال: "من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تَقَدَّم من ذنبه" (٢).

وقوله: (تَنزلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ) أي: يكثر تَنزلُ الملائكة في هذه الليلة لكثرة بركتها، والملائكة يتنزلون مع تنزل البركة والرحمة، كما يتنزلون عند تلاوة القرآن ويحيطون بحِلَق الذكر، ويضعون أجنحتهم لطالب العلم بصدق تعظيما له.

وأما الروح فقيل: المراد به هاهنا جبريل، ، فيكون من باب عطف الخاص على العام. وقيل: هم ضرب من الملائكة. كما تقدم في سورة "النبأ". والله أعلم.

وقوله: (مِنْ كُلِّ أَمْرٍ) قال مجاهد: سلام هي من كل أمر.

وقال سعيد بن منصور: حدثنا عيسى بن يونس، حدثنا الأعمش، عن مجاهد في قوله: (سَلامٌ هِيَ) قال: هي سالمة، لا يستطيع الشيطان (٣) أن يعمل فيها سوءًا أو يعمل فيها أذى.

وقال قتادة وغيره: تقضى فيها الأمور، وتقدر الآجال والأرزاق، كما قال تعالى: ﴿فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ﴾

وقوله: (سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ) قال سعيد بن منصور: حدثنا هُشَيْم، عن أبي إسحاق، عن الشعبي في قوله تعالى: (مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ) قال: تسليم الملائكة ليلة القدر على أهل المساجد، حتى يطلع الفجر.

وروى ابن جرير عن ابن عباس أنه كان يقرأ: "من كل امرئ سلام هي حتى مطلع الفجر".

وروى البيهقي في كتابه "فضائل الأوقات" عن عليٍّ أثرًا غريبًا في نزول الملائكة، ومرورهم على المصلين ليلة القدر، وحصول البركة للمصلين.

وروى ابن أبي حاتم عن كعب الأحبار أثرًا غريبًا عجيبًا مطولا جدًا، في تنزل الملائكة من سدرة المنتهى صحبة جبريل، ، إلى الأرض، ودعائهم للمؤمنين والمؤمنات (٤).

وقال أبو داود الطيالسي: حدثنا عمران -يعني القطان-عن قتادة، عن أبي ميمونة، عن أبي هُريرة: أن رسول الله قال في ليلة القدر: "إنها ليلة سابعة -أو: تاسعة -وعشرين، وإن الملائكة تلك الليلة في الأرض أكثر من عدد الحصى" (٥).


(١) المسند (٢/ ٢٣٠) وسنن النسائي (٤/ ١٢٩).
(٢) صحيح البخاري برقم (١٩٠١) وصحيح مسلم برقم (٧٦٠).
(٣) في أ: "الشياطين".
(٤) سيأتي إيراد الأثر عند تفسير آخر السورة.
(٥) مسند الطيالسي برقم (٢٥٤٥).