للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ابن لهيعة ضعيف. وقد خالفه ما رواه البخاري عن أصبغ، عن ابن وهب، عن عمرو بن الحارث، بن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير، عن أبي عبد الله الصنابحي قال: أخبرني بلال -مؤذنُ رسول الله -أنها أول السبع من العشر الأواخر، فهذا الموقوف أصح، والله أعلم. وهكذا رُوي عن ابن مسعود، وابن عباس، وجابر، والحسن، وقتادة، وعبد الله بن وهب: أنها ليلة أربع وعشرين. وقد تقدم في سورة "البقرة" (١) حديث واثلة بن الأسقع مرفوعًا: "إن القرآن أنزل ليلة أربع وعشرين".

وقيل: تكون ليلة خمس وعشرين؛ لما رواه البخاري، عن عبد الله بن عباس: أن رسول الله قال: "التمسوها في العشر الأواخر من رمضان، في تاسعة تبقى، في سابعة تبقى، في خامسة تبقى". فَسَّره كثيرون بليالي الأوتار، وهو أظهر وأشهر. وحمله آخرون على الأشفاع كما رواه مسلم عن أبي سعيد، أنه حمله على ذلك. والله أعلم.

وقيل: إنها تكون ليلة سبع وعشرين؛ لما رواه مسلم في صحيحه عن أبي بن كعب، عن رسول الله : "أنها ليلة سبع وعشرين".

قال الإمام أحمد: حدثنا سفيان: سمعت عبدة وعاصمًا، عن زِرّ: سألت أبيّ بن كعب قلت: أبا المنذر، إن أخاك ابن مسعود يقول: من يُقِم الحَولَ يُصبْ ليلة القدر. قال: يرحمه الله، لقد علم أنها في شهر رمضان، وأنها ليلة سبع وعشرين. ثم حلف. قلت: وكيف تعلمون ذلك؟ قال: بالعلامة -أو: بالآية-التي أخبرنا بها، تطلع ذلك اليوم لا شعاع لها، أعني الشمس (٢).

وقد رواه مسلم من طريق سفيان بن عيينة وشعبة والأوزاعي، عن عبدة، عن زِرّ، عن أبي، فذكره، وفيه: فقال: والله الذي لا إله إلا هو، إنها لفي رمضان -يحلف ما يستثني-والله إني لأعلم أي ليلة القدر هي التي أمرنا رسول الله بقيامها، هي ليلة سبع وعشرين، وأمارتها أن تطلع الشمس في صبيحة يومها بيضاء لا شعاع لها (٣).

وفي الباب عن معاوية، وابن عمر، وابن عباس، وغيرهم (٤) عن رسول الله : أنها ليلة سبع وعشرين. وهو قول طائفة من السلف، وهو الجَادّة من مذهب أحمد بن حنبل، ، وهو رواية عن أبي حنيفة أيضًا. وقد حُكِيَ عن بعض السلف أنه حاول استخراج كونها ليلة سبع وعشرين من القرآن، من قوله: (هِيَ) لأنها الكلمة السابعة والعشرون من السورة، والله أعلم.

وقد قال الحافظ أبو القاسم الطبراني: حدثنا إسحاق بن إبراهيم الدَّبري، أخبرنا عبد الرزاق، أخبرنا مَعْمَر، عن قتادة وعاصم: أنهما سمعا عكرمة يقول: قال ابن عباس: دعا عمر بن الخطاب


(١) عند تفسير الآية ١٨٥.
(٢) المسند (٥/ ١٣٠).
(٣) صحيح مسلم برقم (٧٦٢).
(٤) وانظر هذه الأحاديث وغيرها في: الدر المنثور للسيوطي (٨/ ٥٧٠ - ٥٨٠).