للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ورواه الترمذي من حديث أبي داود الطيالسي، عن شعبة، به (١) وقال: حسن صحيح.

طريق أخرى: قال الحافظ أبو القاسم الطبراني: حدثنا أحمد بن خليد الحلبي، حدثنا محمد بن عيسى الطباع، حدثنا معاذ بن محمد بن معاذ بن أبي بن كعب، عن أبيه، عن جده، عن أبي بن كعب قال: قال رسول الله : "يا أبا المنذر، إني أمرت أن أعرض عليك القرآن". قال: بالله آمنت، وعلى يدك أسلمت، ومنك تعلمت. قال: فرد النبي القول. [قال] (٢) فقال: يا رسول الله، أذكرت هناك؟ قال: "نعم، باسمك ونسبك في الملأ الأعلى". قال: فاقرأ إذًا يا رسول الله (٣).

هذا غريب من هذا الوجه، والثابت ما تقدم. وإنما قرأ عليه النبي هذه السورة تثبيتًا له، وزيادة لإيمانه، فإنه -كما رواه أحمد والنسائي، من طريق أنس، عنه (٤) ورواه أحمد وأبو داود، من حديث سليمان بن صُرَد عنه (٥) ورواه أحمد عن عفان، عن حماد، عن حميد، عن أنس، عن عبادة بن الصامت، عنه (٦) ورواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي، من حديث إسماعيل بن أبي خالد، عن عبد الله بن عيسى، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عنه (٧) كان قد أنكر على إنسان، وهو: عبد الله بن مسعود، قراءة شيء من القرآن على خلاف ما أقرأه رسول الله فرفعه إلى النبي فاستقرأهما، وقال، لكل منهما: "أصبت". قال أبي: فأخذني من الشك ولا إذ كنت في الجاهلية. فضرب رسول الله في صدره، قال أبي: فَفضْتُ عَرَقًا، وكأنما أنظر إلى الله فرقًا. وأخبره رسول الله أن جبريل أتاه فقال: إن الله يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على حرف. فقلت: "أسأل الله معافاته ومغفرته". فقال: على حرفين. فلم يزل حتى قال: إن الله يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على سبعة أحرف. كما قدمنا ذكر هذا الحديث بطرقه وألفاظه في أول التفسير. فلما نزلت هذه السورة الكريمة وفيها: ﴿رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً * فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ﴾ قرأها عليه رسول الله قراءة إبلاغ وتثبيت وإنذار، لا قراءة تعلم واستذكار، والله أعلم.

وهذا كما أن عمر بن الخطاب لما سأل رسول الله يوم الحديبية عن تلك الأسئلة، وكان فيما قال: أولم تكن تخبرنا أنا سنأتي البيت ونطوف به؟ قال: "بلى، أفأخبرتك أنك تأتيه عامك هذا؟ ". قال: لا قال: "فإنك آتيه، ومُطوَّف به". فلما رجعوا من الحديبية، وأنزل الله على النبي سورة "الفتح"، دعا عمر بن الخطاب وقرأها عليه، وفيها قوله: ﴿لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ﴾ الآية [الفتح: ٢٧]، كما تقدم.

وروى الحافظ أبو نُعَيم في كتابه "أسماء الصحابة" من طريق محمد بن إسماعيل الجعفري المدني:


(١) المسند (٥/ ١٣١) وسنن الترمذي برقم (٣٧٩٣).
(٢) زيادة من م، أ.
(٣) المعجم الكبير (١/ ٢٠٠).
(٤) المسند (٥/ ١٢٢) وسنن النسائي (٢/ ٥٤).
(٥) المسند (٥/ ١٢٤) وسنن أبي داود برقم (١٤٧٧).
(٦) المسند (٥/ ١١٤).
(٧) المسند (٥/ ١٢٧) وصحيح مسلم برقم (٨٢٠) وسنن أبي داود برقم (١٤٧٨) وسنن النسائي (٢/ ١٥٣).