للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سبعمائة ضعف -ويضاعف الله لمن يشاء، والسيئة بمثلها أو يغفر الله، ولن ينجو أحد منكم بعمله". قلت: ولا أنت يا رسول الله (١)؟ قال: "ولا أنا إلا أن يتغمدني الله منه برحمة" (٢) قال أبو زُرْعَة: لم يرو هذا غير ابن لَهِيعة.

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو زرعة، حدثنا يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر، حدثني ابن لهيعة، حدثني (٣) عطاء بن دينار، عن سعيد بن جبير في قوله تعالى: (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) وذلك لما نزلت هذه الآية: ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا﴾ [الإنسان: ٨]، كان المسلمون يرون أنهم لا يُؤجَرون على الشيء القليل الذي أعطوه، فيجيء المسكين إلى أبوابهم فيستقلون أن يعطوه التمرة والكسرة والجَوْزة ونحو ذلك، فيردونه ويقولون: ما هذا بشيء. إنما نُؤجَر على ما نعطي ونحن نحبه. وكان آخرون يَرَون أنهم لا يلامون على الذنب اليسير: الكذبة والنظرة والغيبة وأشباه ذلك، يقولون: إنما وعد الله النار على الكبائر. فرغبهم في القليل من الخير أن يعملوه، فإنه يوشك أن يكثر، وحذرهم اليسير من الشر، فإنه يوشك أن يكثر، فنزلت: (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ) يعني: وزن أصغر النمل (خَيْرًا يَرَهُ) يعني: في كتابه، ويَسُرُّه ذلك. قال: يكتب لكل بر وفاجر بكل سيئة سيئة واحدة. وبكل حسنة عشر حسنات، فإذا كان يوم القيامة ضاعف الله حسنات المؤمنين أيضًا، بكل واحدة عشر، ويمحو عنه بكل حسنة عشر سيئات، فمن زادت حسناته على سيئاته مثقال ذرة، دخل الجنة.

وقال الإمام أحمد: حدثنا سليمان بن داود، حدثنا عمران، عن قتادة، عن عبد ربه، عن أبي عياض، عن عبد الله بن مسعود؛ أن رسول الله قال: "إياكم ومحقرات الذنوب، فإنهن يجتمعن على الرجل حتى يهلكنه". وإن رسول الله ضرب لهن مثلا كمثل قوم نزلوا أرض فلاة، فحضر صَنيع القوم، فجعل الرجل ينطلق فيجيء بالعود، والرجل يجيء بالعود، حتى جمعوا سوادا، وأجَّجوا نارًا، وأنضجوا ما قذفوا فيها (٤).

[آخر تفسير سورة "إذا زلزلت"] (٥) [ولله الحمد والمنة] (٦)


(١) في أ: "يا نبي الله".
(٢) ذكره السيوطي في الدر المنثور (٨/ ٥٩٤) وعزاه لابن أبي حاتم، ولآخره شاهد في الصحيح من حديث أبي هريرة، .
(٣) في م: "عن".
(٤) المسند (١/ ٤٠٢).
(٥) زيادة من م، أ.
(٦) زيادة من أ.