للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يكسوم، ثم من بعده أخوه مسروق بن أبرهة (١) ثم خرج سيف بن ذي يَزَن الحميري إلى كسرى فاستغاثه (٢) على الحبشة، فأنفذ معه من جيوشه فقاتلوا معه، فرد الله إليهم ملكهم، وما كان في آبائهم من الملك، وجاءته وفود العرب للتهنئة.

وقد قال محمد بن إسحاق: حدثنا عبد الله بن أبي بكر، عن عمرة بنت عبد الرحمن بن أسعد بن زرارة، عن عائشة قالت: لقد رأيت قائد الفيل وسائسه بمكة أعميين مُقْعَدَين، يستطعمان (٣) ورواه الواقدي، عن عائشة مثله. ورواه أيضا عن أسماء بنت أبي بكر أنها قالت: كانا مقعدين يستطعمان الناس، عند إساف ونائلة، حيث يذبح المشركون ذبائحهم.

قلت: كان اسم قائد الفيل: أنيسا.

وقد ذكر الحافظ أبو نعيم في كتاب "دلائل النبوة" من طريق ابن وهب، عن ابن لَهِيعة عن عقيل بن خالد، عن عثمان بن المغيرة قصة أصحاب الفيل، ولم يذكر أن أبرهة قدم من اليمن، وإنما بعث على الجيش رجلا يقال له: شمر بن مفصود، وكان الجيش عشرين ألفًا، وذكر أن الطير طرقتهم ليلا فأصبحوا صرعى.

وهذا السياق غريب جدًا، وإن كان أبو نعيم قد قواه ورجحه على غيره. والصحيح أن أبرهة الأشرم الحبشي قدم مكة كما دل على ذلك السياقات والأشعار. وهكذا روى ابن لَهِيعة، عن الأسود، عن عُرْوَة: أن أبرهة بعث الأسود بن مفصود على كتيبة معهم الفيل، ولم يذكر قدوم أبرهة نفسه، والصحيح قدومه، ولعل ابن مقصود كان على مقدمة الجيش، والله أعلم.

ثم ذكر ابن إسحاق شيئًا من أشعار العرب، فيما كان من قصة أصحاب الفيل، فمن ذلك شعر عبد الله بن الزبعرى:

تَنَكَّلُوا عن بطن مَكَّةَ إنها … كانتْ قديمًا لا يُرَام حَريمها

لم تُخلَق الشِّعرَى ليالي حُرّمتْ … إذ لا عزيزَ من الأنام يَرُومها

سائل أميرَ الجيش عنها ما رَأى? … فلسوفَ يُنبي الجاهلين عليمها

ستونَ ألفًا لم يئوبوا أرَضهم … بل لم يعش بعد الإياب سقيمها

كانتْ بها عادٌ وجُرْهُم قبلهم … واللهُ من فوق العباد يُقيمها (٤)

وقال أبو قيس (٥) بن الأسلت الأنصاري المري: (٦)


(١) انظر: السيرة النبوية لابن هشام (١/ ٦١، ٦٢).
(٢) في م: "فاستعانه".
(٣) انظر: السيرة النبوية لابن هشام (١/ ٥٧).
(٤) انظر: السيرة النبوية لابن هشام (١/ ٥٨).
(٥) في م: "أبو القيس".
(٦) في م، أ: "المدني".