للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال العوفي عن ابن عباس: (وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ) قال: اختلف الناس في ذلك، فمنهم من قال: يمنعون الزكاة. ومنهم من قال: يمنعون الطاعة. ومنهم من قال: يمنعون العارية. رواه ابن جرير. ثم روي عن يعقوب بن إبراهيم، عن ابن عُلَيَة، عن ليث بن أبي سليم، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي: الماعون: منع الناس الفأس، والقدر، والدلو.

وقال عكرمة: رأس الماعون زكاة المال، وأدناه.

المنخل والدلو، والإبرة. رواه ابن أبى حاتم.

وهذا الذي قاله عكرمة حسن؛ فإنه يشمل الأقوال كلها، وترجع كلها إلى شيء واحد. وهو ترك المعاونة بمال أو منفعة. ولهذا قال محمد بن كعب: (وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ) قال: المعروف. ولهذا جاء في الحديث: " كل معروف صدقة".

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو سعيد الأشج، حدثنا وكيع، عن ابن أبي ذئب، عن الزهري: (وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ) قال: بلسان قريش: المال.

وروى هاهنا حديثا غريبا عجيبا في إسناده ومتنه فقال:

حدثنا أبي، وأبو زُرْعَة قالا حدثنا قيس ابن حفص الدارمي، حدثنا دلهم بن دهثم العجلي، حدثنا عائذ بن ربيعة النَميري، حدثني قرة بن دعموص النميري: أنهم وفدوا على رسول الله فقالوا: يا رسول الله، ما تعهد إلينا؟ قال: "لا تمنعون الماعون". قالوا: يا رسول الله، وما الماعون؟ قال: "في الحَجَر، وفي الحديدة، وفي الماء". قالوا: فأي حديدة؟ قال: "قدوركم النحاس، وحديد الفأس الذي تمتهنون به". قالوا: وما الحجر؟ قال: "قدوركم الحجارة". (١)

غريب جدا، ورفعه منكر، وفي إسناده من لا يعرف، والله أعلم.

وقد ذكر ابنُ الأثير في الصحابة ترجمة "علي النميري"، فقال: روى ابن قانع بسنده إلى عائذ ابن ربيعة بن قيس النميري، عن علي بن فلان النميري: سمعت رسول الله يقول: "المسلم أخو المسلم. إذا لقيه حَيَّاه بالسلام، ويرد عليه ما هو خير منه، لا يمنع الماعون". قلت: يا رسول الله، ما الماعون؟ قال: "الحَجَر، والحديد، وأشباه ذلك". (٢)

آخر تفسير سورة "الماعون".


(١) ورواه ابن مردويه أيضا، كما في الدر المنثور (٦٤٤).
(٢) أسد الغابة (٣/ ٦٢٤).