للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والياقوت، ماؤه أشد بياضا من اللبن، وأحلى من العسل.

وكذا رواه الترمذي عن ابن حميد، عن جرير، عن عطاء بن السائب، به مثله (١) موقوفا. وقد روي مرفوعا فقال الإمام أحمد:

حدثنا علي بن حفص، حدثنا ورقاء قال … وقال عطاء [بن السائب] (٢) عن محارب بن دِثار، عن ابن عمر قال: قال رسول الله : "الكوثر نهر في الجنة حافتاه من ذهب، والماء يجري على اللؤلؤ، وماؤه أشد بياضا من اللبن، وأحلى من العسل".

وهكذا رواه الترمذي، وابن ماجة، وابن أبي حاتم، وابن جرير، من طريق محمد بن فضيل، عن عطاء بن السائب، به مرفوعا (٣) وقال الترمذي: حسن صحيح.

وقال ابن جرير: حدثني يعقوب، حدثنا ابن عُليَّة، أخبرنا عطاء بن السائب قال: قال لي محارب بن دثار: ما قال سعيد بن جبير في الكوثر؟ قلت: حَدثَنا عن ابن عباس أنه قال: هو الخير الكثير. فقال: صدق، والله إنه للخير الكثير. ولكن حدثنا ابن عمر قال: لما نزلت: (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ) قال رسول الله : "الكوثر نهر في الجنة، حافتاه من ذهب، يجري على الدر والياقوت". (٤)

وقال ابن جرير: حدثني ابن البرقي، حدثنا ابن أبي مريم، حدثنا محمد بن جعفر بن أبي كثير، أخبرني حَرَام بن عثمان، عن عبد الرحمن الأعرج، عن أسامة بن زيد: أن رسول الله أتى حمزة بن عبد المطلب يوما فلم يجده، فسأل امرأته عنه -وكانت من بني النجار-فقالت: خرج يا نبي الله آنفا عامدًا نحوك، فأظنه أخطأك في بعض أزقة بني النجار، أولا تدخلُ يا رسول الله؟ فدخل، فقدمت إليه حيسا، فأكل منه، فقالت: يا رسول الله، هنيئا لك ومريئا، لقد جئتَ وأنا أريد أن آتيك فأهْنيك وأمْريك؛ أخبرني أبو عمارة أنك أعطيت نهرا في الجنة يدعى الكوثر. فقال: "أجل، وعرضه -يعني أرضه-ياقوت ومرجان، وزبرجد ولؤلؤ". (٥)

حَرَام بن عثمان ضعيف. ولكن هذا سياق حسن، وقد صح أصل هذا، بل قد تواتر من طريق تفيد القطع عند كثير من أئمة الحديث، وكذلك أحاديث الحوض [ولنذكرها هاهنا]. (٦)

وهكذا رُوي عن أنس، وأبي العالية، ومجاهد، وغير واحدٍ من السلف: أن الكوثر: نهر في الجنة. وقال عطاء: هو حوض في الجنة.

وقوله: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) أي: كما أعطيناك الخير الكثير في الدنيا والآخرة، ومن ذلك


(١) تفسير الطبري (٣٠/ ٢٠٧) ولم يقع لي في سنن الترمذي من هذا الطريق ولا ذكره المزي في تحفة الأشراف.
(٢) زيادة من م.
(٣) المسند (٢/ ١٥٨) وسنن الترمذي برقم (٣٣٦١) وسنن ابن ماجة برقم (٤٣٣٤) وتفسير الطبري (٣٠/ ٢١٠).
(٤) تفسير الطبري (٣٠/ ٢١٠).
(٥) تفسير الطبري (٣٠/ ٢١٠).
(٦) زيادة من أ، وكذا قال الحافظ، ولم يقع في النسخ ذكر أحاديث الحوض، وقد ذكرها الحافظ ابن كثير في كتابه (النهاية في الفتن والملاحم ١/ ٣٧٤ - ٤١٢) ولولا خشية الإطالة لذكرناها هاهنا فلتراجع هناك.