للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الله، إني نَسكتُ شاتي قبل الصلاة، وعرفت أن اليوم يوم يشتهى فيه اللحم. قال: "شاتك شاة لحم". قال: فإن عندي عناقا هي أحب إليَّ من شاتين، أفتجزئ عني؟ قال: "تجزئك، ولا تجزئ أحدا بعدك". (١)

قال أبو جعفر بن جرير: والصواب قول من قال: معنى ذلك: فاجعل صلاتك كلها لربك خالصا دون ما سواه من الأنداد والآلهة (٢) وكذلك نحرك اجعله له دون الأوثان؛ شكرًا له على ما أعطاك من الكرامة والخير، الذي لا كِفَاء له، وخصك به. (٣)

وهذا الذي قاله في غاية الحسن، وقد سبقه إلى هذا المعنى: محمد بن كعب القرظي، وعطاء.

وقوله: (إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ) أي: إن مبغضك -يا محمد-ومبغض ما جئت به من الهدى والحق والبرهان الساطع والنور المبين، هو الأبتر الأقل الأذل المنقطع ذكْرُه.

قال ابن عباس، ومجاهد، وسعيد بن جبير، وقتادة: نزلت في العاص بن وائل.

وقال محمد بن إسحاق، عن يزيد بن رومان قال: كان العاص بن وائل إذا ذكر رسول الله يقول: دعوه فإنه رجل أبتر لا عقب له، فإذا هلك انقطع ذكره. فأنزل الله هذه السورة.

وقال شَمِر بن عطية: نزلت في عقبة بن أبي مُعَيط.

وقال ابن عباس أيضا، وعكرمة: نزلت في كعب بن الأشرف وجماعة من كفار قريش.

وقال البزار: حدثنا زياد بن يحيى الحَسَّاني، حدثنا بن أبي عدي، عن داود، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: قدم كعب بن الأشرف مكة فقالت له قريش: أنت سيدهم ألا ترى إلى هذا المُصَنْبر (٤) المنبتر من قومه يزعم أنه خير منا، ونحن أهل الحجيج، وأهل السدانة وأهل السقاية؟ فقال: أنتم خير منه. قال: فنزلت: (إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ)

هكذا رواه البزار (٥) وهو إسناد صحيح.

وعن (٦) عطاء: نزلت في أبي لهب، وذلك حين مات ابن رسول الله فذهب أبو لهب إلى المشركين وقال: بُتِرَ محمد الليلة. فأنزل الله في ذلك: (إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ)

وعن ابن عباس: نزلت في أبي جهل. وعنه: (إِنَّ شَانِئَكَ) يعني: عدوك. وهذا يَعُمُّ جميعَ من اتصفَ بذلك ممن ذكر، وغيرهم.


(١) رواه البخاري في صحيحه برقم (٩٨٣) من حديث البراء، .
(٢) في م: "والأولاد".
(٣) تفسير الطبري (٣٠/ ٢١٢).
(٤) في م: "هذا الضبر".
(٥) مسند البزار برقم (٢٢٩٣) "كشف الأستار" ووقع فيه: "حدثنا الحسن بن علي الواسطي، حدثنا يحيى بن راشد، عن داود فذكر مثله، ورواه أيضا النسائي في السنن الكبرى برقم (١١٧٠٧).
(٦) في م: "وقال".