للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ولعل هذا كان من شكواه، ، حين سحر، ثم عافاه الله تعالى وشفاه، ورد كيد السحرَة الحسَّاد من اليهود في رءوسهم، وجعل تدميرهم في تدبيرهم، وفضحهم، ولكن مع هذا لم يعاتبه رسول الله يوما من الدهر، بل كفى الله وشفى وعافى.

وقال الإمام أحمد: حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش، عن يزيد بن حَيَّان، عن زيد بن أرقم قال: سحر النبي رجلٌ من اليهود، فاشتكى لذلك أياما، قال: فجاءه جبريل فقال: إن رجلا من اليهود سحرك، عقد لك عُقَدًا في بئر كذا وكذا، فَأرْسِل إليها من يجيء بها. فبعث رسول الله [عليًا، رضي الله تعالى عنه] (١) فاستخرجها، فجاء بها فحللها (٢) قال: فقام رسول الله كأنما نَشط من عقال، فما ذكر ذلك لليهودي ولا رآه في وجهه [قط] (٣) حتى مات.

ورواه النسائي عن هَنَّاد، عن أبي معاوية محمد بن حَازم الضرير (٤).

وقال البخاري في "كتاب الطب" من صحيحه: حدثنا عبد الله بن محمد قال: سمعت سفيان بن عيينة يقول: أول من حدثنا به ابنُ جُرَيْج، يقول: حدثني آل عُرْوَة، عن عروة، فسألت هشاما عنه، فحدثَنا عن أبيه، عن عائشة قالت: كان رسول الله سُحر، حتى كان يُرَى أنه يأتي النساء ولا يأتيهن -قال سفيان: وهذا أشد ما يكون من السحر، إذا كان كذا -فقال: "يا عائشة، أعلمت أن الله قد أفتاني فيما استفتيتُه فيه؟ أتاني رجلان فقعد أحدهما عند رأسي، والآخر عند رجلي، فقال الذي عند رأسي للآخر: ما بال الرجل؟ قال: مطبوب. قال: ومن طَبَّه؟ قال: لَبيد بن أعصم -رجل من بني زُرَيق حَليف ليهُودَ، كان منافقًا-وقال: وفيم؟ قال: في مُشط ومُشاقة. قال: وأين؟ قال: في جُف طَلْعَة ذكر تحت رعوفة في بئر ذَرْوَان". قالت: فأتى [النبي ] (٥) البئر حتى استخرجه فقال: "هذه البئر التي أريتها، وكأن ماءها نُقَاعة الحنَّاء، وكأن نخلها رءوس الشياطين". قال: فاستخرج (٦). [قالت] (٧). فقلت: أفلا؟ أي: تَنَشَّرْتَ؟ فقال: "أمَّا اللهُ فقد شفاني، وأكره أن أثير على أحد من الناس شرًا" (٨).

وأسنده من حديث عيسى بن يونس، وأبي ضَمْرة أنس بن عياض، وأبي أسامة، ويحيى القطان وفيه: "قالت: حتى كان يخيل إليه أنه فعل الشيء ولم يفعله". وعنده: "فأمر بالبئر فدفنت". وذكر أنه رواه عن هشام أيضًا ابن أبي الزَّناد والليث بن سعد (٩).

وقد رواه مسلم، من حديث أبي أسامة حماد بن أسامة وعبد الله بن نمير. ورواه أحمد، عن


(١) زيادة من المسند.
(٢) في م: "فحلها".
(٣) زيادة من المسند.
(٤) المسند (٤/ ٣٦٧) وسنن النسائي (٧/ ١١٢).
(٥) زيادة من صحيح البخاري.
(٦) في أ: "فاستخرجه".
(٧) زيادة من صحيح البخاري.
(٨) صحيح البخاري برقم (٥٧٦٥).
(٩) صحيح البخاري برقم (٥٨٦٣، ٦٣٩١، ٥٧٦٦).