للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ورواه عبد أيضًا، من حديث ستة من أصحاب أنس، عن أنس -بمعناه.

ومما يلتحق بهذا المعنى: الحامل والمرضع، إذا خافتا على أنفسهما أو ولديهما، ففيهما خلاف كثير بين العلماء، فمنهم من قال: يفطران ويفديان ويقضيان. وقيل: يفديان فقط، ولا قضاء. وقيل: يجب القضاء بلا فدية. وقيل: يفطران، ولا فدية ولا قضاء. وقد بسطنا هذه المسألة مستقصاة في كتاب الصيام الذي أفردناه (١). ولله الحمد والمنة.

﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (١٨٥)

يمدح تعالى شهرَ الصيام من بين سائر الشهور، بأن اختاره من بينهن لإنزال القرآن العظيم فيه، وكما اختصه بذلك، قد ورد الحديث بأنه الشهر الذي كانت الكتب الإلهية تنزل فيه على الأنبياء.

قال الإمام أحمد بن حنبل، : حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم، حدثنا عمْران أبو العوام، عن قتادة، عن أبي المليح، عن واثلة -يعني ابن الأسقع-أن رسول الله قال: "أنزلت صُحُف إبراهيم في أول ليلة من رمضان. وأنزلت التوراة لسِتٍّ مَضَين من رمضان، والإنجيل لثلاث عَشَرَةَ خلت من رمضان (٢) وأنزل الله القرآن لأربع وعشرين خلت من رمضان" (٣).

وقد روي من حديث جابر بن عبد الله وفيه: أن الزبور أنزل (٤) لثنتَي عشرة [ليلة] (٥) خلت من رمضان، والإنجيل لثماني عشرة، والباقي كما تقدم. رواه ابن مَردُويه.

أما الصحف والتوراة والزبور والإنجيل -فنزل كل منها (٦) على النبي الذي أنزل عليه جملة واحدة، وأما القرآن فإنما نزل جملة واحدة إلى بيت العزة من السماء الدنيا، وكان ذلك في شهر رمضان، في ليلة القدر منه، كما قال تعالى: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾ [القدر: ١]. وقال: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ﴾ [الدخان: ٣]، ثم نزل بعدُ مفرّقًا (٧) بحسب الوقائع على رسول الله . هكذا روي من غير وجه، عن ابن عباس، كما قال إسرائيل، عن السّدي، عن محمد بن أبي المجالد عن مِقْسَم، عن ابن عباس أنه سأله عطية بن الأسود، فقال: وقع (٨) في قلبي الشك من قول الله تعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزلَ فِيهِ الْقُرْآنُ) وقوله: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ﴾ وقوله: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾ وقد (٩) أنزل في شوال، وفي ذي القعدة، وفي ذي الحجة، وفي المحرم، وصفر، وشهر ربيع. فقال ابن عباس: إنه أنزل في رمضان، في ليلة القدر وفي ليلة مباركة جملة واحدة، ثم أنزل (١٠) على مواقع النجوم ترتيلا (١١) في الشهور والأيام. رواه ابن أبي حاتم وابن مردويه، وهذا لفظه.


(١) في أ: "الذي أوردناه".
(٢) في"أ" بعدها: "وأنزل الزبور لثماني عشرة خلت من رمضان".
(٣) المسند (٤/ ١٠٧).
(٤) في جـ: "نزلت"، وفي أ: "نزل".
(٥) زيادة من أ.
(٦) في جـ: "منهما".
(٧) في و: "متفرقا".
(٨) في و: "أوقع".
(٩) في جـ: "وهذا".
(١٠) في جـ: "ثم نزل".
(١١) في أ: "رسلا".