للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(١) وفي سنن النسائي (٢) عنه، عن أسامة بن زيد، والفضل بن عباس ولم يرفعه (٣). فمن العلماء من علَّل هذا الحديث بهذا، ومنهم من ذهب إليه، ويُحْكى هذا عن أبي هريرة، وسالم، وعطاء، وهشام بن عروة، والحسن البصري. ومنهم من ذهب إلى التفرقة بين أن يصبح جنبًا نائمًا فلا عليه، لحديث عائشة وأم سلمة، أو مختارًا فلا صومَ له، لحديث أبي هريرة. يحكى (٤) هذا عن عُروة، وطاوس، والحسن. ومنهم من فرق بين الفرض فيتمه ويقضيه وأما النَّفْل فلا يضره. رواه الثوري، عن منصور، عن إبراهيم النخَعي. وهو رواية عن الحسن البصري أيضًا، ومنهم من ادعى نسخ حديث أبي هريرة بحديثي عائشة وأم سلمة، ولكن لا تاريخ معه.

وادعى ابن حزم أنه منسوخ بهذه الآية الكريمة، وهو بعيد أيضًا، وأبعد؛ إذ لا تاريخ، بل الظاهر من التاريخ خلافه. ومنهم من حمل حديث أبي هريرة على نفي الكمال "فلا صوم له" لحديث عائشة وأم سلمة الدالين على الجواز. وهذا المسلك أقرب الأقوال وأجمعها، والله أعلم.

وقوله تعالى: (ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ) يقتضي الإفطار عند غُرُوب الشمس حكمًا شرعيًا، كما جاء في الصحيحين، عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، ، قال: قال رسول الله : "إذا أقبل الليل من هاهنا وأدبر النهار من هاهنا، فقد أفطر الصائم" (٥).

وعن سهل بن سعد الساعدي، ، قال: قال رسول الله : "لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر" أخرجاه أيضًا (٦).

وقال الإمام أحمد: حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا الأوزاعي، حدثنا قُرّة بن عبد الرحمن، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي : "يقول الله، ﷿: إن أحبّ عبادي إلي أعجلُهم فِطْرًا".

ورواه الترمذي من غير وجه، عن الأوزاعي، به (٧). وقال: هذا حديث حسن غريب.

وقال أحمد أيضًا: حدثنا عفان، حدثنا عبيد الله (٨) بن إياد، سمعت إياد بن لقيط قال: سمعت ليلى امرأة بَشِير بن الخَصَاصِيَّة، قالت: أردت أن أصومَ يومين مواصلة، فمنعني بشير وقال: إن رسول الله نهى عنه. وقال: "يفعل ذلك النصارى، ولكنْ صُوموا كما أمركم الله، وأتموا الصيامَ إلى الليل، فإذا كان الليل فأفطروا" (٩).

[وروى الحافظ ابن عساكر، حدثنا بكر بن سهل، حدثنا عبد الله بن يوسف، حدثنا يحيى بن


(١) صحيح البخاري برقم (١٩٢٥) وصحيح مسلم برقم (١١٠٩).
(٢) في أ: "وفي سنن أبي داود والنسائي".
(٣) سنن النسائي الكبرى برقم (٢٩٣٣، ٢٩٣٤).
(٤) في جـ: "ويحكي".
(٥) صحيح البخاري برقم (١٩٥٤) وصحيح مسلم برقم (١١٠٠).
(٦) صحيح البخاري برقم (١٩٥٧) وصحيح مسلم برقم (١٠٩٨).
(٧) المسند (٢/ ٢٣٨) وسنن الترمذي برقم (٧٠٠، ٧٠١).
(٨) في أ: "عبد الله".
(٩) المسند (٥/ ٢٢٥).