للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

في بستان إذْ خرج من بابه، وخرج معه قُطْبة بن عامر الأنصاري، فقالوا: يا رسول الله، إن قطبة بن عامر رجل تاجر (١) وإنه خرج معك من الباب. فقال له: "ما حملك على ما صنعت؟ " قال: رأيتك فعلتَه ففعلتُ كما فعلتَ. فقال: "إني [رجل] (٢) أحمس". قال له: فإن ديني دينك. فأنزل الله (وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا) رواه ابن أبي حاتم. ورواه العوفي عن ابن عباس بنحوه. وكذا روي عن مجاهد، والزهري، وقتادة، وإبراهيم النخعي، والسدي، والربيع بن أنس.

وقال الحسن البصري: كان أقوام من أهل الجاهليّة إذا أراد أحدُهم سَفرًا وخرج من بيته يُريد سفره الذي خرج له، ثم بدا له بَعْد خُروجه أن يُقيم ويدعَ سفره، لم يدخل البيت من بابه، ولكن يتسوّره من قبل ظهره، فقال (٣) الله تعالى: (وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا [وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى] (٤)) الآية.

وقال محمد بن كعب: كان الرجل إذا اعتكف لم يدخل منزله من باب البيت، فأنزل الله هذه الآية.

وقال عطاء بن أبي رباح: كان أهل يثرب إذا رجعوا من عيدهم دخلوا منازلهم من ظهورها ويَرَوْنَ أن ذلك أدنى إلى البر، فقال الله تعالى: (وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا)

وقوله: (وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) أي: اتقوا الله فافعلوا ما أمركم به، واتركوا ما نهاكم عنه (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) غدا إذا وقفتم بين يديه، فيجزيكم (٥) بأعمالكم على التمام، والكمال.

﴿وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (١٩٠)

قال أبو جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية في قوله تعالى: (وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ) قال: هذه أول آية نزلت في القتال بالمدينة، فلما نزلت كان رسول الله يقاتل من قاتله، ويكف عَمَّن كف عنه حتى نزلت سورة براءة وكذا قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم حتى قال: هذه منسوخة بقوله: ﴿فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ﴾ [التوبة: ٥] وفي هذا نظر؛ لأن قوله: (الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ) إنما هو تَهْييج وإغراء بالأعداء الذين همّتْهم قتال الإسلام وأهله، أي: كما


(١) في جـ: "فاجر".
(٢) زيادة من جـ، أ.
(٣) في أ: "فأنزل".
(٤) زيادة من جـ.
(٥) في جـ، أ: "فيجازيكم".