للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بدلائلهما في كتابنا "الأحكام" مستقصى (١) ولله الحمد والمنة.

وقال شعبة، عن عمرو بن مُرّة، عن عبد الله بن سَلَمة، عن علي: أنه قال في هذه الآية: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ) قال: أن تُحْرِم من دُوَيرة أهلك.

وكذا قال ابن عباس، وسعيد بن جبير، وطاوس. وعن سفيان الثوري أنه قال في هذه الآية: إتمامهما (٢) أن تحرم من أهلك، لا تريد إلا الحج والعمرة، وتُهِلّ من الميقات ليس أن تخرج لتجارة ولا لحاجة، حتى إذا كنت قريبًا من مكة قلت: لو حججت أو اعتمرت، وذلك يجزئ، ولكن التمام أن تخرج له، ولا تخرج لغيره.

وقال مكحول: إتمامهما إنشاؤهما جميعًا من الميقات.

وقال عبد الرزاق: أخبرنا مَعْمَر عن الزهري قال: بلغنا أنّ عمر قال في قول الله (٣): (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ) [قال] (٤): من تمامهما أن تُفْرد كُلَّ واحد منهما من الآخر، وأن تعتمر في غير أشهر الحج؛ إن الله تعالى يقول: ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ﴾.

وقال هُشَيْم عن ابن عون قال: سمعت القاسم بن محمد يقول: إن العمرة في أشهر الحج ليست بتامة (٥) فقيل له: العمرة في المحرم؟ قال: كانوا يرونها تامة. وكذا روي عن قتادة بن دعامة، رحمهما الله.

وهذا القول فيه نظر؛ لأنه قد ثبت أن رسول الله اعتمر أربع عُمَرٍ كلها في ذي القعدة: عمرة الحديبية في ذي القعدة سنة ست، وعمرة القضاء في ذي القعدة سنة سبع، وعمرة الجِعرّانة في ذي القعدة سنة ثمان، وعمرته التي مع حجته أحرم بهما معًا في ذي القعدة سنة عشر، ولا اعتمر قَطّ في غير ذلك بعد هجرته، ولكن قال لأم هانئ (٦) "عُمْرة في رمضان تعدل حجة معي" (٧). وما ذاك إلا لأنها [كانت] (٨) قد عزمت على الحج معه، ، فاعتاقَتْ عن ذلك بسبب الطهر، كما هو مبسوط في الحديث عند البخاري، ونَصّ سعيد بن جبير على أنه من خصائصها، والله أعلم.

وقال السدي في قوله: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ) أي: أقيموا الحج والعمرة. وقال علي بن أبي طلحة (٩) عن ابن عباس في قوله: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ) يقول: من أحرم بالحج أو بالعمرة (١٠) فليس له أن يحل حتى يتمهما، تمام الحج يوم النحر، إذا رمى جمرة العقبة، وطاف (١١) بالبيت، وبالصفا، والمروة، فقد حل.

وقال قتادة، عن زُرَارة، عن ابن عباس أنه قال: الحج عرفة، والعمرة الطواف. وكذا روى الأعمش، عن إبراهيم عن علقمة في قوله: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ) قال: هي [في] (١٢) قراءة عبد الله:


(١) في جـ: "المستقصى".
(٢) في جـ: "تمامهما".
(٣) في جـ: "في قوله".
(٤) زيادة من جـ.
(٥) في جـ: "تامة"، وفي أ: "بتمامها".
(٦) في جـ، ط، أ: "ولكن قال لتلك المرأة".
(٧) كذا وقع هنا أم هانئ وهو وهم، والصواب: أم سنان، والحديث في صحيح البخاري برقم (١٨٦٣).
(٨) زيادة من جـ، ط، أ، و.
(٩) في أ: "ابن أبي صالح".
(١٠) في جـ، ط: "بحج أو عمرة".
(١١) في جـ، ط، و: "وزار".
(١٢) زيادة من أ.