للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بكتاب الله منى تناله المطايا لأتيته (١). وقال الأعمش أيضًا، عن أبي وائل، عن ابن مسعود قال: كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن، والعمل بهن (٢).

وقال أبو عبد الرحمن السلمي: حدثنا الذين كانوا يقرئوننا أنهم كانوا يستقرئون من النبي ، فكانوا إذا تعلموا عشر آيات لم يخلفوها حتى يعملوا بما فيها من العمل، فتعلمنا القرآن والعمل جميعا (٣).

ومنهم الحبر البحر عبد الله بن عباس، ابن عم رسول الله ، وترجمان القرآن وببركة دعاء رسول الله له حيث قال: "اللهم فقهه في الدين، وعلمه التأويل" (٤).

وقال ابن جرير: حدثنا محمد بن بشار، حدثنا وَكِيع، حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن مُسْلم قال (٥) قال عبد الله -يعني ابن مسعود-: نعْم ترجمان القرآن ابنُ عباس (٦). ثم رواه عن يحيى بن داود، عن إسحاق الأزرق، عن سفيانَ، عن الأعمش، عن مسلم بن صُبَيْح أبي الضحى، عن مسروق، عن ابن مسعود أنه قال: نعم الترجمان للقرآن ابن عباس (٧). ثم رواه عن بُنْدَار، عن جعفر بن عَوْن، عن الأعمش (٨) به كذلك.

فهذا إسناد صحيح إلى ابن مسعود: أنه قال عن ابن عباس هذه العبارة. وقد مات ابن مسعود، ، في سنة اثنتين وثلاثين على الصحيح، وعُمِّر بعده ابن عباس ستًا وثلاثين سنة، فما ظنك بما كسبه من العلوم بعد ابن مسعود؟.

وقال الأعمش عن أبي وائل: استخلف علِيّ عبد الله بن عباس على الموسم، فخطب الناس، فقرأ في خطبته سورة البقرة، وفي رواية: سورة النور، ففسرها تفسيرًا لو سمعته الروم والترك والديلم لأسلموا (٩).

ولهذا غالب ما يرويه إسماعيل بن عبد الرحمن السدي الكبير في تفسيره، عن هذين الرجلين: عبد الله بن مسعود وابن عباس، ولكن في بعض الأحيان ينقل عنهم ما يحكونه من أقاويل أهل الكتاب، التي أباحها رسول الله حيث قال: "بَلِّغوا عني ولو آية، وحَدِّثوا عن بني إسرائيل ولا حَرَج، ومن كذب عَلَىَّ متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار" رواه البخاري عن عبد الله (١٠)؛ ولهذا كان عبد الله بن عمرو يوم اليرموك قد أصاب زاملتين من كتب أهل الكتاب، فكان يحدث منهما بما فهمه


(١) تفسير الطبري (١/ ٨٠) وجابر بن نوح ضعيف لكنه توبع، فرواه البخاري في صحيحه برقم (٥٠٠٢) عن عمر بن حفص عن أبيه عن الأعمش به.
(٢) رواه الطبري في تفسيره (١/ ٨٠) من طريق الحسين بن واقد عن الأعمش به.
(٣) رواه الطبري في تفسيره (١/ ٨٠) من طريق جرير عن عطاء عن أبي عبد الرحمن السلمي.
(٤) رواه الإمام أحمد في المسند (١/ ٢٦٦، ٣١٤، ٣٢٧) وأصله في صحيح البخاري برقم (٧٥).
(٥) في ب: "كذا قال".
(٦) تفسير الطبري (١/ ٩٠).
(٧) تفسير الطبري (١/ ٩٠) ورواه الحاكم في المستدرك (٣/ ٥٣٧) من طريق سفيان به.
(٨) تفسير الطبري (١/ ٩٠) ورواه أبو خثيمة في العلم برقم (٤٨) من طريق جعفر بن عون به.
(٩) رواه الطبري في تفسيره (١/ ٨١) والفسوي في تاريخه (١/ ٤٩٥) من طريق الأعمش به.
(١٠) صحيح البخاري برقم (٣٤٦١).