للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

حازم بن أبي غَرْزة (١) حدثنا أبو نعيم، حدثنا ورقاء، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ) قال: شوال، وذو القعدة وعشر من ذي الحجة (٢).

إسناد (٣) صحيح، وقد رواه الحاكم أيضًا في مستدركه، عن الأصم، عن الحسن بن علي بن عفان، عن عبد الله بن نمير، عن عبيد الله (٤) عن نافع، عن ابن عمر -فذكره وقال: على شرط الشيخين (٥).

قلت: وهو مَرْويّ عن عُمَر، وعليّ، وابن مسعود، وعبد الله بن الزبير، وابن عباس، وعطاء، وطاوس، ومجاهد، وإبراهيم النخعي، والشعبي، والحسن، وابن سيرين، ومكحول، وقتادة، والضحاك بن مزاحم، والربيع بن أنس، ومقاتل بن حَيّان. وهو مذهب الشافعي، وأبي حنيفة، وأحمد بن حنبل، وأبي يوسف، وأبي ثَوْر، . واختار هذا القول ابن جرير، قال: وصح إطلاق الجمع (٦) على شهرين وبعض الثالث للتغليب، كما تقول العرب: "زرته العام، ورأيته اليوم". وإنما وقع ذلك في بعض العام واليوم؛ قال الله تعالى: ﴿فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ﴾ [البقرة: ٢٠٣] وإنما تعجل في يوم ونصف.

وقال الإمام مالك بن أنس [والشافعي في القديم] (٧): هي (٨): شوال وذو القعدة وذو الحجة بكماله. وهو رواية عَن ابن عُمَر أيضًا؛ قال ابن جرير:

حدثنا أحمد بن إسحاق، حدثنا أبو أحمد، حدثنا شريك، عن إبراهيم بن مهاجر، عن مجاهد، عن ابن عمر قال: شوال وذو القعدة وذو الحجة.

وقال ابن أبي حاتم في تفسيره: حدثنا يونس بن عبد الأعلى، حدثنا ابن وهب، أخبرني ابن جريج، قال: قلت لنافع: أسمعت عبد الله بن عُمَر يسمي شُهُور الحج؟ قال: نعم، كان عبد الله يسمي: "شوال وذو القعدة وذو الحجة". قال (٩) ابن جريج: وقال ذلك ابن شهاب، وعطاء، وجابر بن عبد الله صاحب النبي ، وهذا إسناد صحيح إلى ابن جريج. وقد حُكي هذا أيضًا عن طاوس، ومجاهد، وعروة بن الزبير، والربيع بن أنس، وقتادة. وجاء فيه حديث مرفوع، ولكنه موضوع، رواه الحافظ بن مَرْدويه، من طريق حُصَين بن مخارق -وهو متهم بالوضع -عن يونس بن عبيد، عن شهر بن حَوْشَب، عن أبي أمامة، قال: قال رسول الله : "الحج أشهر معلومات: شوال وذو القعدة وذو الحجة" (١٠).

وهذا كما رأيت لا يَصح رفعه، والله أعلم.

وفائدة مذهب مالك أنَّه إلى آخر ذي الحجة، بمعنى أنه مختص بالحج، فيكره الاعتمار في بقية


(١) في جـ: "بن أبي عزرة".
(٢) تفسير الطبري (٤/ ١١٦).
(٣) في جـ: "إسناده".
(٤) في هـ، أ: "عبد الله"، والصواب ما أثبتناه من جـ، ط، و.
(٥) المستدرك (٢/ ٢٧٦).
(٦) في ط: "الجميع".
(٧) زيادة من جـ، ط، أ، و.
(٨) في جـ: "هو".
(٩) في جـ: "وقال".
(١٠) ورواه الطبراني في المعجم الأوسط برقم (١٦٩٣) "مجمع البحرين" من طريق محمد بن ثواب عن حصين بن مخارق به.