للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

صالح -عن سلمة -هو ابن وَهْرَام (١) -عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: كان أهل الجاهلية يقفون بعرفة حتى إذا كانت الشمس على رؤوس الجبال، كأنها العمائم على رؤوس الرجال، دفعوا، فأخر رسول الله الدفعة من عرفة حتى غربت الشمس.

ورواه ابن مَرْدُويه، من حديث زمعة بن صالح، وزاد: ثم وقف بالمزدلفة، وصلى الفجر بغَلَس، حتى إذا أسفر (٢) كل شيء وكان في الوقت الآخر، دفع. وهذا حَسَنُ الإسناد.

وقال ابن جُرَيْج، عن محمد بن قيس، عن المسْوَر بن مَخْرَمة قال: خَطَبنا رسولُ الله ، وهو بعرفات، فحمد الله وأثنى عليه. ثم قال: "أما بعد -وكان إذا خطب خطبة قال: أما بعد -فإن هذا اليوم الحجَ الأكبر، ألا وإن أهلَ الشرك والأوثان كانوا يدفعون في هذا اليوم قبل أن تغيب الشمس، إذا كانت الشمس في رؤوس الجبال، كأنها عمائم الرجال في وجوهها، وإنا ندفع بعد أن تغيب الشمس، وكانوا يدفعون من المشعر الحرام بعد أن تطلع الشمس، إذا كانت الشمس في رؤوس الجبال كأنها عمائم الرجال في وجوهها وإنا ندفع قبل أن تطلع الشمس، مُخَالفاً هَدْيُنَا هَدْي أهل الشرك".

هكذا رواه ابن مَرْدويَه وهذا لفظه، والحاكم في مستدركه، كلاهما من حديث عبد الرحمن بن المبارك العيشي، عن عبد الوارث بن سعيد، عن ابن جريج، به. وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه. قال: وقد صح وثَبَت بما ذكرناه سماع المِسْوَر من رسول الله ، لا كما يتوهمه رعاع أصحابنا أنّه ممن له رؤية (٣) بلا سماع (٤).

وقال وَكِيع، عن شعبة، عن إسماعيل بن رجاء [الزبيدي] (٥) عن المعرور بن سويد، قال: رأيت عمر، ، حين دفع من عرفة، كأني أنظر إليه رَجُلا أصلع على بعير له، يُوضِع (٦) وهو يقول: إنا وجدنا الإفاضة هي الإيضاع.

وفي حديث جابر بن عبد الله الطويل، الذي في صحيح مسلم، قال فيه: فلم يزل واقفا -يعني بعرفة -حتى غربت الشمس، وذهبت (٧) الصُّفْرَة قليلا حتى غاب القُرْصُ، وأردف أسامة خلفه، ودفعَ رسول الله وقد شَنَقَ للقصواء الزّمام، حتى إنّ رأسها ليصيب مَوْرك رحله، ويقول بيده اليمنى: "أيها الناس، السكينة السكينة". كلما أتى جبلا من الجبال أرْخَى لها قليلا حتى تصعد، حتى أتى المُزْدَلِفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين، ولم يُسَبِّحْ بينهما شيئا، ثم اضطجع حتى طلع الفَجرُ فصلى الفجر حين تَبَيَّن له الصبح بأذان وإقامة، ثم ركب القصواء حتى أتى المشعرَ الحرام، فاستقبل القبلة، فدعا الله وكبره وهَلَّله ووحَّده، فلم يزل واقفاً حتى أسفر جداً، فدفع قبل أن تطلُع الشمس (٨) وفي الصحيح (٩) عن أسامة بن زيد، أنه سُئِل كيف كان يسير رسول الله حين دَفَعَ؟


(١) في جـ: "هو ابن هشام".
(٢) في أ: "إذا استقر".
(٣) في جـ: "ممن له رواية".
(٤) المستدرك (٢/ ٢٧٧).
(٥) زيادة من و.
(٦) في أ: "فوضع".
(٧) في جـ، ط، أ، و: "وبدت".
(٨) صحيح مسلم برقم (١٢١٨).
(٩) في جـ، ط، أ، و: "وفي الصحيحين".