للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سئل عنه مما يعلمه، لقوله تعالى: لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ [آل عمران: ١٨٧]، ولما جاء في الحديث المروى من طرق: "من سئل عن علم فكتمه، ألْجِم يوم القيامة بلجام من نار" (١).

فأما الحديث الذي رواه أبو جعفر بن جرير:

حدثنا عباس بن عبد العظيم، حدثنا محمد بن خالد بن عَثْمة، حدثنا جعفر بن محمد بن الزبيري، حدثني هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: ما كان النبي يفسر شيئًا من القرآن إلا آيا تُعد، علمهن إيَّاه جبريل، . ثم رواه عن أبي بكر محمد بن يزيد الطرسوسي، عن مَعْن بن عيسى، عن جعفر بن خالد، عن هشام، به. (٢).

فإنه حديث منكر غريب، وجعفر هذا هو ابن محمد بن خالد بن الزبير بن العوام القرشي الزبيري، قال البخاري: لا يتابع في حديثه، وقال الحافظ أبو الفتح الأزدي: منكر الحديث.

وتكلَّم عليه الإمام أبو جعفر بما حاصله أن هذه الآيات مما لا يعلم إلا بالتوقيف عن الله تعالى، مما وقفه عليها جبريل. وهذا تأويل صحيح لو صح الحديث؛ فإن من القرآن ما استأثر الله تعالى بعلمه، ومنه ما يعلمه العلماء، ومنه ما تعلمه العرب من لغاتها، ومنه ما لا يعذر أحد في جهله، كما صرح بذلك ابن عباس، فيما قال ابن جرير: حدثنا محمد بن بشار، حدثنا مُؤَمَّل، حدثنا سفيان، عن أبي الزناد [عن الأعرج] (٣) قال: قال ابن عباس: التفسير على أربعة أوجه: وجه تعرفه العرب من كلامها، وتفسير لا يعذر أحد بجهالته، وتفسير يعلمه العلماء، وتفسير لا يعلمه إلا الله (٤).

قال ابن جرير: وقد روى نحوه في حديث في إسناده نظر:

حدثني يونس بن عبد الأعلى الصدفي، أنبأنا ابن وهب قال: سمعت عمرو بن الحارث يحدث عن الكلبي، عن أبي صالح، مولى أم هانئ، عن عبد الله بن عباس: أن رسول الله قال: "أنزل القرآن على أربعة (٥) أحرف: حلال وحرام، لا يعذر أحد بالجهالة به. وتفسير تفسره [العرب، وتفسير


(١) جاء من حديث أبي هريرة، ومن حديث أنس، وأبي سعيد الخدري، . أما حديث أبي هريرة، فرواه أحمد في المسند (٢/ ٢٦٣) وأبو داود في السنن برقم (٣٦٥٨) والترمذي في السنن برقم (٢٦٤٩) وابن ماجة في السنن برقم (٢٦١) من طريق علي ابن الحكم عن عطاء عن أبي هريرة، وقال الترمذي: "حديث حسن". وأما حديث أنس، فرواه ابن ماجة في السنن برقم (٢٦٤) من طريق يوسف بن إبراهيم عن أنس، وقال البوصيري في الزوائد (١/ ١١٧): "هذا إسناد ضعيف". وأما حديث أبي سعيد، فرواه ابن ماجة في السنن برقم (٢٦٥) من طريق محمد بن داب عن صفوان بن سليم عن عبد الرحمن بن أبي سعيد عن أبي سعيد، وقال البوصيري في الزوائد (١/ ١١٨): "هذا إسناد ضعيف".
(٢) تفسير الطبري (١/ ٨٤) ورواه أبو يعلى في مسنده (٨/ ٢٣) من طريق معن القزاز عن فلان بن محمد بن خالد، عن هشام بن عروة به، ورواه البزار في مسنده برقم (٢١٨٥) "كشف الأستار" عن محمد بن المثنى، عن محمد بن خالد بن عثمة، عن حفص -أظنه ابن عبد الله- عن هشام عن أبيه به.
(٣) زيادة من نسخة مساعدة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
(٤) تفسير الطبري (١/ ٧٥).
(٥) في هـ، ب: "سبعة" والمثبت من جـ، والطبري.