للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يحل لكم أن تُضَاجِروهن وتضيّقوا عليهن، ليفتدين منكم بما أعطيتموهن من الأصدقة أو ببعضه، كما قال تعالى: ﴿وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ﴾ [النساء: ١٩] فأما إن وهبته المرأة شيئًا عن طيب نفس منها. فقد قال تعالى: ﴿فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا﴾ [النساء: ٤] وأما إذا تشاقق الزوجان، ولم تقم المرأة بحقوق الرجل وأبغضته ولم تقدر على معاشرته، فلها أن تفتدي منه بما أعطاها، ولا حرج عليها في بذلها، ولا عليه في قبول ذلك منها؛ ولهذا قال تعالى: (وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلا أَنْ يَخَافَا أَلا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ) الآية.

فأما إذا لم يكن لها عذر وسألت الافتداء منه، فقد قال ابن جرير:

حدثنا ابن بشار، حدثنا عبد الوهاب -وحدثني يعقوب بن إبراهيم، حدثنا ابن علية -قالا جميعا: حدثنا أيوب، عن أبي قِلابة، عمن حدثه، عن ثوبان، أن رسول الله قال: "أيما امرأة سألت زوجها طلاقها من غير بأس (١) فحرام عليها رائحة الجنة" (٢).

وهكذا رواه الترمذي، عن بندار، عن عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي به (٣). وقال حسن: قال: ويروى، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي أسماء، عن ثوبان. ورواه بعضهم، عن أيوب بهذا الإسناد. ولم يرفعه.

وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرحمن، حدثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن أبي قلابة -قال: وذكر أبا أسماء وذكر ثوبان -قال: قال رسول الله : "أيما امرأة سألت زوجها الطلاق في غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة".

وهكذا رواه أبو داود، وابن ماجه، وابن جرير، من حديث حماد بن زيد، به (٤).

طريق أخرى: قال ابن جرير: حدثني يعقوب بن إبراهيم، حدثنا المعتمر بن سليمان، عن ليث، عن أبي إدريس، عن ثوبان مولى رسول الله ، عن النبي أنه قال: "أيما امرأة سألت زوجها الطلاق في غير ما بأس، حَرّم الله عليها رائحة الجنة". وقال: "المختلعات هن المنافقات" (٥).

ثم رواه ابن جرير والترمذي جميعًا، عن أبي كريب، عن مزاحم بن ذَوّاد بن عُلْبَة، عن أبيه، عن ليث، هو ابن أبي سليم (٦) عن أبي الخطاب، عن أبي زُرْعَة، عن أبي إدريس، عن ثوبان قال:


(١) في جـ: "في غير ما بأس".
(٢) تفسير الطبري (٤/ ٥٦٩).
(٣) سنن الترمذي برقم (١١٨٧).
(٤) المسند (٥/ ٢٣٨) وسنن أبي داود برقم (٢٢٢٦) وسنن ابن ماجة برقم (٢٠٥٥) وتفسير الطبري (٤/ ٥٧٠).
(٥) تفسير الطبري (٤/ ٥٦٨).
(٦) في جـ: "عن ليث هو ابن القاسم بن أبي سليم".