للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وهذا الذي ذهب إليه ابن عباس (١) -من أن الخلع ليس بطلاق، وإنما هو فسخ - هو رواية عن أمير المؤمنين عثمان بن عفان، وابن عمر. وهو قول طاوس، وعكرمة. وبه يقول أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وأبو ثور، وداود بن علي الظاهري. وهو مذهب الشافعي في القديم، وهو ظاهر الآية الكريمة.

والقول الثاني في الخلع: إنه طلاق بائن إلا أن ينوي أكثر من ذلك. قال مالك، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن جُمْهان مولى الأسلميين (٢) عن أم بكر الأسلمية: أنها اختلعت من زوجها عبد الله بن خالد بن أسيد، فأتيا عثمان بن عفان في ذلك، فقال: تطليقة؛ إلا أن تكون سميت شيئًا فهو ما سميت. قال الشافعي: ولا أعرف جُمْهان. وكذا ضعف أحمد بن حنبل هذا الأثر، والله أعلم.

وقد روي نحوه عن عمر، وعلي، وابن مسعود، وابن عمر. وبه يقول سعيد بن المسيب، والحسن، وعطاء، وشريح، والشعبي، وإبراهيم، وجابر بن زيد. وإليه ذهب مالك، وأبو حنيفة، وأصحابه، والثوري، والأوزاعي، وعثمان التبي، والشافعي في الجديد. غير أن الحنفية عندهم أنه متى نوى المخالع بخلعه تطليقة أو اثنتين (٣) أو أطلق فهو واحدة بائنة. وإن نوى ثلاثًا فثلاث. وللشافعي قول آخر في الخلع، وهو: أنه متى لم يكن بلفظ الطلاق، وعري عن النية فليس هو بشيء بالكلية.

مسألة:

وذهب مالك، وأبو حنيفة، والشافعي، وأحمد وإسحاق في رواية عنهما، وهي المشهورة؛ إلى أن المختلعة عدتها عدة المطلقة بثلاثة قروء، إن كانت ممن تحيض. وروي ذلك عن عمر، وعلي، وابن عمر. وبه يقول سعيد بن المسيب، وسليمان بن يسار، وعروة، وسالم، وأبو سلمة، وعمر بن عبد العزيز، وابن شهاب، والحسن، والشعبي، وإبراهيم النخعي، وأبو (٤) عياض، وجُلاس بن عمرو، وقتادة، وسفيان الثوري، والأوزاعي، والليث بن سعد، وأبو عبيد. قال الترمذي: وهو قول أكثر أهل العلم من الصحابة وغيرهم. ومأخذهم في هذا أن الخلع طلاق، فتعتد كسائر المطلقات.

والقول الثاني: أنها تعتد بحيضة واحدة تستبرئ بها رحمها. قال ابن أبي شيبة: حدثنا يحيى بن سعيد، عن عبيد الله (٥) بن عمر، عن نافع أن الربيع اختلعت من زوجها، فأتى عمها عثمان، ، فقال: تعتد حيضة. قال: وكان ابن عمر يقول: تعتد ثلاث حيض، حتى قال هذا عثمان، فكان ابن عمر يفتي به ويقول: عثمان خيرنا وأعلمنا (٦).

وحدثنا عبدة، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر قال: عدة المختلعة حيضة.

وحدثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي، عن ليث، عن طاوس، عن ابن عباس قال: عدتها حيضة. وبه يقول عكرمة، وأبان بن عثمان، وكل من تقدم ذكره ممن يقول: إن الخلع فسخ (٧) - يلزمه


(١) في جـ: "عنه".
(٢) في أ: "الأسلمين".
(٣) في جـ: "أو ثنتين".
(٤) في جـ: "وابن".
(٥) في أ: "عبد الله".
(٦) المصنف لابن أبي شيبة (٥/ ١١٤).
(٧) في جـ: "فسحة".