وقوله:(فَإِنْ طَلَّقَهَا) أي: الزوج الثاني بعد الدخول بها (فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا) أي: المرأة والزوج الأول (إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ) أي: يتعاشرا بالمعروف [وقال مجاهد: إن ظنا أن نكاحهما على غير دلسة](١)(وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ) أي: شرائعه وأحكامه (يُبَيِّنُهَا) أي: يوضحها (لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ)
وقد اختلف الأئمة، ﵏، فيما إذا طلق الرجل امرأته طلقة أو طلقتين، وتركها حتى انقضت عدتها، ثم تزوجت بآخر فدخل بها، ثم طلقها فانقضت عدتها، ثم تزوجها الأول: هل تعود إليه بما بقي من الثلاث، كما هو مذهب مالك، والشافعي، وأحمد بن حنبل، وهو قول طائفة من الصحابة، ﵃؟ أو يكون الزوج الثاني قد هدم ما قبله من الطلاق، فإذا عادت إلى الأول تعود بمجموع الثلاث، كما هو مذهب أبي حنيفة وأصحابه ﵏؟ وحجتهم أن الزوج الثاني إذا هدم الثلاث فلأن يهدم ما دونها بطريق الأولى والأحرى، والله أعلم.
هذا أمر من الله ﷿ للرجال إذا طلق أحدهم المرأة طلاقا له عليها فيه رجعة، أن يحسن في أمرها إذا انقضت عدتها، ولم يبق منها إلا مقدار ما يمكنه فيه رجعتها، فإما أن يمسكها، أي: يرتجعها إلى عصمة نكاحه بمعروف، وهو أن يشهد على رجعتها، وينوي عشرتها بالمعروف، أو يسرحها، أي: يتركها حتى تنقضي عدتها، ويخرجها من منزله بالتي هي أحسن، من غير شقاق ولا مخاصمة ولا تقابح، قال الله تعالى:(وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا) قال ابن عباس، ومجاهد، ومسروق، والحسن، وقتادة، والضحاك، والربيع، ومقاتل بن حيان وغير واحد: كان الرجل يطلق المرأة، فإذا قاربت انقضاء العدة راجعها ضرارًا، لئلا تذهب إلى غيره، ثم يطلقها فتعتد، فإذا شارفت على انقضاء العدة طلق لتطول عليها العدة، فنهاهم الله عن ذلك، وتوعدهم عليه فقال:(وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ) أي: بمخالفته أمر الله تعالى.
وقوله:(وَلا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا) قال ابن جرير: عند هذه الآية:
أخبرنا أبو كُرَيْب، أخبرنا إسحاق بن منصور، عن عبد السلام بن حرب، عن يزيد بن عبد الرحمن، عن أبي العلاء الأودي، عن حميد بن عبد الرحمن، عن أبي موسى: أن رسول الله