للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صالح، عن معاوية بن صالح بن علي بن أبي طلحة، قال: نزلت بالمدينة سورة البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنفال، والتوبة، والحج، والنور، والأحزاب، والذين كفروا، والفتح، والحديد، والمجادلة، والحشر، والممتحنة، والحواريون، والتغابن، ويَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ، ويَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ، والفجر، وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى، وإِنَّا أَنزلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ، ولَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا، وإِذَا زُلْزِلَتِ، وإِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ، وسائر ذلك بمكة (١).

وهذا إسناد صحيح عن ابن أبي طلحة مشهور، وهو أحد أصحاب ابن عباس الذين رووا عنه التفسير، وقد ذكر في المدني سورا في كونها مدنية نظر، وفاته الحجرات والمعوذات.

الحديث الثاني: وقال البخاري: حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا معتمر قال: سمعت أبي عن أبي عثمان قال: أنبئت أن جبريل، ، أتى النبي وعنده أم سلمة، فجعل يتحدث، فقال النبي : "من هذا؟ " أو كما قال، قالت: هذا دحية الكلبي، فلما قام قلت: والله ما حسبته إلا إياه، حتى سمعت خطبة النبي يُخبر خَبر جبريل. أو كما قال، قال أبي: فقلت لأبي عثمان: ممن سمعت هذا؟ فقال: من أسامة بن زيد. وهكذا رواه أيضا في علامات النبوة عن عباس بن الوليد النرسي، ومسلم في فضائل أم سلمة عن عبد الأعلى بن حماد [ومحمد بن عبد الأعلى] (٢) كلهم عن معتمر بن سليمان به (٣).

والغرض من إيراد هذا الحديث هاهنا أن السفير بين الله وبين محمد جبريل وهو ملك كريم ذو وجاهة وجلالة ومكانة كما قال: ﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ﴾ [الشعراء: ١٩٣، ١٩٤]، وقال تعالى: ﴿إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ * مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ * وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ﴾ الآيات [التكوير: ١٩ - ٢٢]. فمدح الرب عبديه ورسوليه جبريل ومحمدًا وسنستقصي الكلام على تفسير هذا الكتاب (٤) في موضعه إذا وصلنا إليه إن شاء الله تعالى وبه الثقة.

وفي الحديث فضيلة عظيمة لأم سلمة، -كما بينه مسلم -لرؤيتها لهذا الملك العظيم، وفضيلة أيضا لدحية بن خليفة الكلبي، وذلك أن جبريل، ، كان كثيرا ما يأتي رسول الله على صورة دحية وكان جميل الصورة، ، وكان من قبيلة أسامة بن زيد بن حارثة الكلبي، كلهم ينسبون إلى كلب بن وبرة وهم قبيلة من قضاعة، وقضاعة قيل: إنهم من عدنان، وقيل: من قحطان، وقيل: بطن مستقل بنفسه، والله أعلم.


(١) فضائل القرآن (ص ٢٢١).
(٢) زيادة من جـ، م.
(٣) صحيح البخاري برقم (٤٩٨٠)، (٣٦٣٤)، وصحيح مسلم برقم (٢٤٥١).
(٤) في جـ. "المكان".