للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الهجري، واسمه إبراهيم بن مسلم، وهو أحد التابعين، ولكن تكلموا فيه كثيرا.

وقال أبو حاتم الرازي: لين ليس بالقوي. وقال أبو الفتح الأزدي: رفَّاع كثير الوهم. قلت: فيحتمل، والله أعلم، أن يكون وهم في رفع هذا الحديث، وإنما هو من كلام ابن مسعود، ولكن له شاهد من وجه آخر، والله أعلم.

وقال أبو عبيد أيضا: حدثنا حجاج عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد عن عبد الله بن مسعود قال: لا يسأل عبد عن نفسه إلا القرآن، فإن كان يحب القرآن فإنه يحب الله ورسوله (١).

الحديث الرابع: قال البخاري: حدثنا عمرو بن محمد، حدثنا يعقوب بن إبراهيم، حدثنا أبي، عن صالح بن كيسان، عن ابن (٢) شهاب، قال: أخبرني أنس بن مالك أن الله تابع الوحي على رسوله قبل وفاته حتى توفاه أكثر ما كان الوحي، ثم توفى رسول الله بعد. وهكذا رواه مسلم عن عمرو بن محمد هذا -وهو الناقد-وحسن الحلواني وعبد بن حميد والنسائي عن إسحاق ابن منصور الكوسج، أربعتهم عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد الزهري به (٣).

ومعناه: أن الله تعالى تابع نزول الوحي على رسول الله شيئًا بعد شيء كل وقت بما يحتاج إليه، ولم تقع فترة بعد الفترة الأولى التي كانت بعد نزول الملك أول مرة بقوله: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ﴾ [العلق: ١] فإنه استلبث الوحي بعدها حينا يقال: قريبا من سنتين أو أكثر، ثم حمي الوحي وتتابع، وكان أول شيء نزل بعد تلك الفترة ﴿يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ﴾ [المدثر: ١، ٢].

الحديث الخامس: حدثنا أبو نعيم، حدثنا سفيان عن الأسود بن قيس قال: سمعت جندبا يقول: اشتكى النبي فلم يقم ليلة أو ليلتين، فأتته امرأة فقالت: يا محمد، ما أرى شيطانك إلا تركك، فأنزل الله تعالى: ﴿وَالضُّحَى * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى * مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى﴾ [الضحى: ١ - ٣] (٤).

وقد رواه البخاري في غير موضع أيضا، ومسلم والترمذي والنسائي من طرق أخر (٥) عن سفيان -وهو الثوري-وشعبة بن الحجاج كلاهما عن الأسود بن قيس العبدي، عن جندب بن عبد الله البجلي، به. وسيأتي الكلام على هذا الحديث في تفسير سورة الضحى إن شاء الله تعالى.

والمناسبة في ذكر هذا الحديث والذي قبله في فضائل القرآن: أن الله تعالى له برسوله عناية


(١) فضائل القرآن (ص ٢١).
(٢) في ط، جـ: "أبى".
(٣) صحيح البخاري برقم (٤٩٨٢) وصحيح مسلم برقم (٣٠١٦).
(٤) صحيح البخاري برقم (٤٩٨٣).
(٥) صحيح البخاري برقم (١١٥٢، ٤٩٥٠، ٤٩٥١) وصحيح مسلم برقم (١٧٩٧) وسنن الترمذي برقم (٣٣٤٥) وسنن النسائي الكبرى برقم (١١٦٨١).