للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة، وإن هم بها فعملها كتبها الله سيئة واحدة" (١).

ثم رواه مسلم، عن يحيى بن يحيى، عن جعفر بن سليمان، عن الجعد أبي عثمان في هذا الإسناد بمعنى حديث عبد الوارث (٢) وزاد: "ومحاها الله، ولا يَهلك على الله إلا هالك".

وفي حديث سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: جاء ناس من أصحاب رسول الله ، فسألوه: إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به. قال: "وقد وجدتموه؟ " قالوا: نعم. قال: "ذاك صريح الإيمان".

لفظ مسلم (٣) وهو عند مسلم أيضًا من طريق الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن رسول الله ، به. وروى مسلم [أيضا] (٤) من حديث مغيرة، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله، قال: سئل رسول الله عن الوسوسة، قال: "تلك صريح (٥) الإيمان" (٦). وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: (وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّه) فإنها لم تُنْسَخ، ولكن الله إذا جمع الخلائق يوم القيامة يقول: إني أخبركم بما أخفيتم في أنفسكم، مما لم يطلع عليه ملائكتي، فأما المؤمنون فيخبرهم ويغفر لهم ما حدثوا به أنفسهم، وهو قوله: (يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ) يقول: يخبركم، وأما أهل الشك والريب فيخبرهم بما أخفوا من التكذيب وهو قوله: (فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاء) وهو قوله: (وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ) [البقرة: ٢٢٥] أي: من الشك والنفاق. وقد روى العوفي والضحاك عنه قريبًا من هذا.

وروى ابن جرير، عن مجاهد والضحاك، نحوه. وعن الحسن البصري أنه قال: هي مُحْكمة لم تنسخ. واختار ابن جرير ذلك، واحتج على أنه لا يلزم من المحاسبة المعاقبة، وأنه تعالى (٧) قد يحاسب ويغفر، وقد يحاسب ويعاقب بالحديث الذي رواه عند هذه الآية، قائلا حدثنا ابن بشار، حدثنا ابن أبي عدي، عن سعيد وهشام، (ح) وحدثني يعقوب بن إبراهيم، حدثنا ابن عُلَيَّة، حدثنا هشام، قالا جميعًا في حديثهما: عن قتادة، عن صفوان بن مُحْرز، قال: بينما نحن نطوف بالبيت مع عبد الله بن عمر، وهو يطوف، إذ عرض له رجل فقال: يا ابن عمر، ما سمعت رسول الله يقول في النجوى؟ فقال: سمعت نبي الله (٨) يقول: "يدنو المؤمن مِنْ ربه، ﷿، حتى يضع عليه كَنَفَه، فيقرره بذنوبه فيقول: هل تعرف كذا؟ فيقول: رب أعْرف -مرتين -حتى إذا بلغ به ما شاء الله أن يبلغ قال: فإني قد سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم". قال: "فيعطى صحيفة حسناته -أو كتابه -بيمينه، وأما الكفار والمنافقون فينادى بهم على رؤوس الأشهاد: ﴿هَؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ﴾ (٩) [هود: ١٨] ".


(١) صحيح مسلم برقم (١٣١).
(٢) صحيح مسلم برقم (١٣١).
(٣) صحيح مسلم برقم (١٣٢).
(٤) زيادة من و.
(٥) في أ، و: "تلك محض".
(٦) صحيح مسلم برقم (١٣٣).
(٧) في جـ: "وأنه ".
(٨) في جـ: "سمعت رسول الله".
(٩) تفسير الطبري (٦/ ١١٩، ١٢٠).