للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله: (رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا) أي: لا تكلّفنا من الأعمال الشاقة وإن أطقناها، كما شرعته للأمم الماضية قبلنا من الأغلال والآصار التي كانت عليهم، التي بعثتَ نبيَك محمدًا نبي الرحمة بوضعه في شرعه الذي أرسلته به، من الدين الحنيف السهل السمح.

وقد ثبت في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، عن رسول الله قال: "قال الله: نعم".

وعن ابن عباس، عن رسول الله قال: "قال الله: قد فعلت". وجاء الحديث من طرق، عن رسول الله أنه قال: "بعثت بالحَنيفيَّة السمحة" (١).

وقوله: (رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ) أي: من التكليف والمصائب والبلاء، لا تبتلينا بما لا قبل لنا به.

وقد قال مكحول في قوله: (رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ) قال: الغرْبة والغلمة، رواه (٢) ابن أبي حاتم، "قال الله: نعم" وفي الحديث الآخر: "قال الله: قد فعلت".

وقوله: (وَاعْفُ عَنَّا) أي: فيما بيننا وبينك مما تعلمه من تقصيرنا وزللنا، (وَاغْفِرْ لَنَا) أي: فيما بيننا وبين عبادك، فلا تظهرهم على مساوينا وأعمالنا القبيحة، (وَارْحَمْنَا) أي: فيما يُسْتَقبل، فلا توقعنا بتوفيقك في ذنب آخر، ولهذا قالوا: إن المذنب محتاج إلى ثلاثة أشياء: أن يعفو الله عنه فيما بينه وبينه، وأن يستره عن عباده فلا يفضحه به بينهم، وأن يعصمه فلا يوقعه في نظيره. وقد تقدم في الحديث أن الله قال: نعم. وفي الحديث الآخر: "قال الله: قد فعلت".

وقوله: (أَنْتَ مَوْلانَا) أي: أنت ولينا وناصرنا، وعليك توكلنا، وأنت المستعان، وعليك التّكلان، ولا حول ولا قوة لنا إلا بك (٣) فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ) أي: الذين جحدوا دينك، وأنكروا وحدانيتك، ورسالة نبيك، وعبدوا غيرك، وأشركوا معك من عبادك، فانصرنا عليهم، واجعل لنا العاقبة عليهم في الدنيا والآخرة، قال الله: نعم. وفي الحديث الذي رواه مسلم، عن ابن عباس: "قال الله: قد فعلت".

وقال ابن جرير: حدثني المثنى بن إبراهيم، حدثنا أبو نعيم، حدثنا سفيان، عن أبي إسحاق، أن معاذًا، ، كان إذا فرغ من هذه السورة (٤) (فانصرنا على القوم الكافرين) قال: آمين (٥).

ورواه وَكِيع عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن رجل، عن معاذ بن جبل: أنه كان إذا ختم البقرة قال: آمين (٦).


(١) جاء من حديث أبي أمامة، وابن عباس، وعائشة، وجابر ، أصحها حديث ابن عباس رواه الإمام أحمد في المسند (١/ ٢٣٦) وحسنه الحافظ ابن حجر في الفتح.
(٢) في جـ: "ورواه".
(٣) في جـ: "إلا بالله".
(٤) في جـ: "من سورة البقرة".
(٥) تفسير الطبري (٦/ ١٤٦).
(٦) جاء في جـ: "آخر تفسير سورة البقرة ولله الحمد والمنة والفضل والثناء الحسن الجميل، وحسبنا الله ونعم الوكيل، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، يتلوه إن شاء الله سورة آل عمران".