للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أمير المؤمنين قبل ذلك؟ قال: كنت أقرأ ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ [الإخلاص: ١] وقد روى هذا الأثر الوليد بن مسلم، عن مالك والأوزاعي، كلاهما عن أبي عبيد، به. ورواه الوليد أيضًا، عن ابن جابر، عن يحيى بن يحيى الغساني، عن محمود بن لبيد، عن الصُّنَابِحي: أنه صلى خلف أبي بكر، ، المغرب فقرأ في الأوليين بفاتحة الكتاب وسورة قصيرة، يجهر بالقراءة، فلما قام إلى الثالثة ابتدأ القراءة فدنوت منه حتى إن ثيابي لتمس ثيابه، فقرأ هذه الآية: (رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا [بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ]) (١).

وقوله: (رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ) أي: يقولون في دعائهم: إنك -يا ربنا-ستجمع بين خلقك يوم معادهم، وتفصل بينهم وتحكم فيهم (٢) فيما اختلفوا فيه، وتجزي كلا بعمله، وما كان عليه في الدنيا من خير وشر.

﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَأُولَئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ (١٠) كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ (١١)

يخبر تعالى عن الكفار أنهم وقود النار، ﴿يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ﴾ [غافر: ٥٢] وليس ما أوتوه في الدنيا من الأموال والأولاد بنافع لهم عند الله، ولا بمنجيهم من عذابه وأليم عقابه، بل كما قال تعالى: ﴿وَلا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ﴾ [التوبة: ٨٥] وقال تعالى: (٣) ﴿لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ * مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ﴾ [آل عمران: ١٩٦: ١٩٧] كما قال هاهنا: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا) أي: بآيات الله وكذبوا رسله، وخالفوا كتابه، ولم ينتفعوا بوحيه إلى أنبيائه (لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَأُولَئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ) أي: حطبها الذي تسجر به وتوقد به، كقوله: ﴿إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ [أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ](٤) [الأنبياء: ٩٨].

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا ابن أبي مريم، أخبرنا ابن لَهِيْعة، أخبرني ابن الهاد، عن هند بنت الحارث، عن أم الفضل أم عبد الله بن عباس قالت: "بينما نحن بمكة قام رسول الله من الليل، فقال (٥) هل بلغت، اللهم هل بلغت … " ثلاثًا، فقام عمر بن الخطاب فقال: نعم. ثم أصبح فقال النبي : "ليظهرن الإسلام حتى يرد الكفر إلى مواطنه، وَلَتَخُوضُنَّ (٦) البحار بالإسلام، وليأتين على الناس زمان يتعلمون القرآن ويقرؤونه، ثم يقولون: قد قرأنا وعلمنا، فمن هذا الذي هو خير منا، فهل في أولئك من خير؟ " قالوا: يا رسول الله، فمن أولئك؟ قال: "أولئك منكم (٧) وأولئك هم


(١) زيادة من جـ،، أ، و، وفي هـ: "الآية".
(٢) في أ، و: "بينهم".
(٣) في جـ، ر: "ولا" وهو خطأ.
(٤) زيادة من جـ، ر، أ، و، وفي هـ: "الآية".
(٥) في أ، و: "فنادى".
(٦) في أ: ": وليخوضن".
(٧) في جـ، أ، و: منهم".