للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الصورة في معنى قول النبي : " أمرت أن أقرأ القرآن على سبعة أحرف " بعزل؛ لأن المراء في مثل هذا ليس بكفر، في قول أحد من علماء الأمة، وقد أوجب بالمراء في الأحرف السبعة الكفر، كما تقدم (١).

الحديث الثاني: قال البخاري، : حدثنا سعيد بن عفير، حدثنا الليث، حدثنا عقيل، عن ابن شهاب قال: أخبرني عروة بن الزبير: أن المسور بن مخرمة وعبد الرحمن بن عبدٍ القارئ حدثاه (٢) " أنهما سمعا عمر بن الخطاب يقول: سمعت هشام بن حكيم يقرأ سورة الفرقان في حياة رسول الله ، فاستمعت لقراءته فإذا هو يقرأ على حروف كثيرة لم يقرأنيها رسول الله ، فكدت أساوره في الصلاة، فتبصرت حتى سلم فلببته بردائه فقلت: من أقرأك هذه السورة التي سمعتك تقرأ؟ قال: أقرأنيها رسول الله . فقلت: كذبت، فإن رسول الله قد أقرأنيها على غير ما قرأت، فانطلقت به أقوده إلى رسول الله فقلت: إني سمعت هذا يقرأ سورة الفرقان على حروف لم تقرئنيها! فقال رسول الله : "أرسله، اقرأ يا هشام"، فقرأ عليه القراءة التي سمعته يقرأ، فقال رسول الله : "كذلك أنزلت ثم قال: "اقرأ يا عمر"، فقرأت القراءة التي أقرأني، فقال رسول الله : "كذلك أنزلت. إن القرآن أنزل على سبعة أحرف، فاقرؤوا ما تيسر منه " (٣).

وقد رواه الإمام أحمد والبخاري -أيضا-ومسلم وأبو داود والنسائي والترمذي من طرق عن الزهري (٤) ورواه الإمام أحمد -أيضا-عن ابن مهدي، عن مالك، عن الزهري، عن عروة، عن عبد الرحمن بن عبد، عن عمر، فذكر الحديث بنحوه (٥).

وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الصمد، حدثنا حرب بن ثابت، حدثنا إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أبيه، عن جده قال: " قرأ رجل عند عمر فغير عليه فقال: قرأت على رسول الله فلم يغير عليّ قال: فاجتمعا عند النبي ، فقرأ الرجل على النبي فقال له: "قد أحسنت". قال: فكأن عمر وجد من ذلك، فقال رسول الله : "يا عمر، إن القرآن كله صواب، ما لم يجعل عذاب مغفرة أو مغفرة عذابا " (٦).

وهذا إسناد حسن. وحرب بن ثابت هذا يكنى بأبي ثابت، لا نعرف أحدا جرحه.

وقد اختلف العلماء في معنى هذه السبعة الأحرف وما أريد منها على أقوال: قال أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح الأنصاري القرطبي المالكي في مقدمات تفسيره: وقد اختلف العلماء في المراد بالأحرف السبعة على خمسة وثلاثين قولا ذكرها أبو حاتم محمد بن حبان البستي، ونحن نذكر منها خمسة أقوال.


(١) تفسير الطبري (١/ ٤٩).
(٢) في ط، جـ: "أخبراه".
(٣) صحيح البخاري برقم (٤٩٩٢).
(٤) المسند (١/ ٢٤) وصحيح البخاري برقم (٢٤١٩) وصحيح مسلم برقم (٨١٨) وسنن أبي داود برقم (١٤٧٥) وسنن النسائي (٢/ ١٥٠) وسنن الترمذي برقم (٢٩٤٣).
(٥) المسند (١/ ٤٠).
(٦) المسند (٤/ ٣٠).