للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

شريكَتَه في ذلك العَذْق وفي ماله.

ثم قال البخاري: حدثنا عبد العزيز بن عبد الله، حدثنا إبراهيم بن سعد، عن صالح بن كيسان، عن ابن شهاب قال: أخبرني عروة بن الزبير أنه سأل عائشة عن قول الله تعالى (١) (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى) قالت: يا ابن أختي (٢) هذه اليتيمة تكون في حجر وليها تَشْرَكه (٣) في ماله ويعجبُه مالها وجمالها، فيريد وليها أن يتزوجها بغير أن يَقْسِط في صداقها فيعطيها مثل ما يعطيها غيره، فنهوا أن (٤) ينكحوهن إلا أن يقسطوا لهن، ويبلغُوا بهنَّ أعلى سُنتهنَّ في الصداق، وأمِروا أن ينكحُوا ما طاب لهم من النساء سواهُنَّ. قال عروة: قالت عائشة: وإن الناس استفْتَوْا رسول الله بعد هذه الآية، فأنزل الله [تعالى] (٥) ﴿وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ﴾ قالت عائشة: وقولُ الله في الآية الأخرى: ﴿وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ﴾ [النساء: ١٢٧] رغبة أحدكم عن يتيمته حين تكون قليلة المال والجمال. فنهوا (٦) أن ينكحوا من رغبوا في ماله وجماله من يتامى (٧) النساء إلا بالقسط، من أجل رغبتهم عنهن إذا كُن قليلات المال والجمال (٨).

وقوله: ﴿مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ﴾ [فاطر: ١] أي: انكحوا ما شئتم من النساء سواهن إن (٩) شاء أحدكم ثنتين، [وإن شاء ثلاثا] (١٠) وإن شاء أربعا، كما قال تعالى: ﴿جَاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ﴾ [فاطر: ١] أي: منهم من له جناحان، ومنهم من له ثلاثة، ومنهم من له أربعة، ولا ينفي (١١) ما عدا ذلك في الملائكة لدلالة الدليل عليه، بخلاف قصر الرجال على أربع، فمن (١٢) هذه الآية كما قاله ابن عباس وجمهور العلماء؛ لأن المقام مقام امتنان وإباحة، فلو كان يجوز الجمع بين أكثر من أربع لذكره.

قال الشافعي: وقد دَلَّت سنة رسول الله المبينة عن الله أنه لا يجوز لأحد غير رسول الله أن يجمع بين أكثر من أربع نسوة.

وهذا الذي قاله الشافعي، ، مجمع عليه بين العلماء، إلا ما حُكي عن طائفة من الشيعة أنه يجوز الجمع بين أكثر من أربع إلى تسع. وقال بعضهم: بلا حصر. وقد يتمسك بعضهم بفعل النبي (١٣) في جمعه بين أكثر من أربع إلى تسع كما ثبت في الصحيحين، وإما إحدى عشرة كما جاء في بعض ألفاظ البخاري. وقد علقه (١٤) البخاري، وقد روينا عن أنس أن رسول الله تزوج بخمس عشرة امرأة، ودخل منهن بثلاث عشرة، واجتمع عنده إحدى عشرة ومات عن تسع. وهذا عند العلماء من خصائص رسول الله دون غيره من الأمة، لما سنذكره من الأحاديث الدالة على الحصر في أربع.


(١) في جـ، أ: "﷿".
(٢) في ر: "أخي".
(٣) في أ: "تشتركه".
(٤) في جـ، أ: "فنهوا عن أن".
(٥) زيادة من ر.
(٦) في جـ، ر، أ: "قلت: فنهوا".
(٧) في ر: "باقي".
(٨) صحيح البخاري برقم (٤٥٧٣، ٤٥٧٤).
(٩) في جـ، أ: "إذا".
(١٠) زيادة من أ.
(١١) في أ: "ولا ينبغي".
(١٢) في جـ، ر، أ: "من".
(١٣) في جـ، ر، أ: "رسول الله".
(١٤) في جـ، ر، أ: "علله".