للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقد أخرجه أهل السنن الأربعة بنحوه (١) وقال الترمذي: حسن صحيح. وإنما كان كذلك؛ لأن سعد بن معاذ، ، كان قد حكم فيهم بقتل المقاتلة وسَبْي الذرية.

وقال الإمام أبو عبيد (٢) القاسم بن سلام في كتاب "الغريب": حدثنا ابن علية، عن إسماعيل بن أمية، عن محمد بن يحيى بن حيان، عن عمر: أن غلاما ابتهر جارية في شعره، فقال عمر، : انظروا إليه. فلم يوجد أنبت، فَدَرَأَ عنه الحَد. قال أبو عُبَيد: ابتهرها: أي قذفها، والابتهار (٣) أن يقول: فعلت بها وهو كاذب (٤) فإن كان صادقا فهو الابتيار، قال الكميت في شعره.

قبيح بمثلي نعتُ الفَتَاة … إمَّا ابتهارًا وإمَّا ابتيارا (٥)

وقوله: (فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ) قال سعيد بن جبير: يعني: صَلاحا في دينهم وحفظا لأموالهم. وكذا روي عن ابن عباس، والحسن البصري، وغير واحد من الأئمة. وهكذا قال الفقهاء متَى بلغَ الغلام مُصْلحًا لدينه وماله، انفك الحجر عنه، فيسلم إليه ماله الذي تحت يد وليه بطريقه.

وقوله: (وَلا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا) ينهى تعالى عن أكل أموال اليتامى من غير حاجة ضرورية إسرافا ومبادرةً قبل بلوغهم.

ثم قال تعالى: (وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ) [أي] (٦) من كان في غُنْية عن مال اليتيم فَلْيستعففْ عنه، ولا يأكل منه شيئا. قال الشعبي: هو عليه كالميتة والدم.

(وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ) قال ابن أبي حاتم: حدثنا الأشج، حدثنا عبد الله بن سليمان، حدثنا هشام، عن أبيه، عن عائشة: (وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ) نزلت في مال (٧) اليتيم.

وحدثنا الأشج وهارون بن إسحاق قالا حدثنا عبدة بن سليمان، عن هشام، عن أبيه، عن، قالت: نزلت في والي اليتيم الذي يقوم عليه ويصلحه إذا كان محتاجا أن يأكل منه.

وحدثنا أبي، حدثنا محمد بن سعيد الأصبهاني، حدثنا علي (٨) بن مسهر، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة قالت: أنزلت هذه الآية في والي اليتيم (وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ) بقدر قيامه عليه.

ورواه البخاري عن إسحاق عَنْ عبد الله بن نُمَير، عن هشام، به.

قال الفقهاء: له أن يأكل أقل الأمرين: أجْرَةَ مثله أو قدر حاجته. واختلفوا: هل يرد إذا أيسر، على قولين: أحدهما: لا؛ لأنه أكل بأجرة عمله وكان فقيرا. وهذا هو الصحيح عند أصحاب الشافعي؛ لأن الآية أباحت الأكل من غير بدل. وقد قال الإمام أحمد:


(١) المسند (٤/ ٣١٠) وسنن أبي داود برقم (٤٤٠٤) (٤٤٠٥) وسنن الترمذي برقم (١٥٨٤) وسنن النسائي (٦/ ١٥٥) وسنن ابن ماجة برقم (٢٥٤١، ٢٥٤٢).
(٢) في جـ، أ: "أبو عبد الله".
(٣) في جـ، ر: "قال: والابتهار".
(٤) في ر: "كذب".
(٥) غريب الحديث لأبي عبيد (٣/ ٢٨٩) والبيت في اللسان أيضا مادة (بهر).
(٦) زيادة من جـ، أ.
(٧) في جـ، ر، أ: "والى".
(٨) في جـ، أ: "الأصبهاني وعلي".