للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حمله على العموم في جميع الشعر" قال السهيلى: "وإذا قلنا بذلك فليس في الحديث إلا عيب: "امتلاء الجوف منه". وأما رواية اليسير على جهة الحكاية والاستشهاد على اللغة فلم يدخل في النهى" (١).

قال: وقد رد أبو عبيد (٢) على من تأول الحديث في الشعر الذي هُجي به النبي وقال: "رواية نصف بيت من ذلك الشعر حرام فكيف يخص امتلاء الجوف منه بالذَّم(٣).

قال السهيلي: "وعائشة أعلم منه. فإن البيت والبيتين والأبيات من تلك الأشعار على جهة الحكاية، بمنزلة الكلام المنثور الذي ذموا به رسول الله ، لا فرق" وجعل ذلك عذرا لابن إسحاق في ذكر بعض أشعار الكفرة من الهجو (٤). انتهى.

والصواب: تحريم حكاية هجو النبي قليله وكثيره، والحديث لعله خرج على من امتلًا بذلك، فلا يكون له مفهوم في عدم ذم القليل. وأيضًا فالمحذور في الكثير موجود في القليل بعينه، فتأويل عائشة مستقيم إن شاء الله، ولا يرد ما فهمه أبو عبيد (٥) ولا السهيلي (٦).

(التاسع): أخرج مسلم والنسائى عن شريح بن هانئ عن أبي هريرة قال: قال رسول الله "من أحب لقاءَ الله أحب الله لقاءَه، ومن كره لقاءَ الله كره الله لقاءه" قال شريح: فأَتيت عائشة فقلت: "يا أُم المؤمنين سمعت أبا هريرة يذكر عن رسول الله حديثًا إن كان كذلك فقد هلكنا" فقالت: إن الهالك من هلك، وما ذاك؟ قال: "قال رسول الله : من أَحبَّ لقاءَ الله أَحبَّ الله لقاءَه، ومن كره لقاءَ الله كره الله لقاءَه. وليس منا أحد إلا وهو يكره الموت"


(١) الروض الأنف، شرح سيرة ابن هشام (٣/ ٢٧)
(٢) في المطبوعة: "أبو عبيدة" وهو خطأ.
(٣) غريب الحديث لأبي عبيد: (١/ ١٦٢ - ١٦٣).
وانظر نص كلامه وبسطه في كتاب توثيق عائشة للسنة في رقم (٦) من هذا الهامش.
(٤) الروض الأنف (٣/ ٢٧).
(٥) في المطبوعة: "أبو عبيدة" وهو خطأ.
(٦) انظر توثيق عائشة للسنة. ص: (١٩٥ - ٢٠٢).