للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحدهما قول على : "وسل الجارية تصدقك" قال: "فدعا رسول الله بريرة … " وبريرة إنما اشترتها عائشة وأعتقتها بعد ذلك (١).

ويدل عليه أنها لما عَتَقَت (٢) واختارت نفسها، جعل زوجها يطوف وراءها في سكك المدينة ودموعه تحادر (٣) على لحيته. فقال لها: "لو راجعتيه" فقالت: "أتأمرنى؟ " فقال: "إنما أنا شافع". فقال النبي : "يا عباس ألا تعجب من حب مغيث لبريرة وبغضها له" والعباس إنما قدم المدينة بعد الفتح (٤).

والمُخَلِّص من هذا الإشكال: أن تفسير الجارية ببريرة مدرج في الحديث من بعض الرواة، ظنًّا منه أنها هي. وهذا كثيرًا ما يقع في الحديث من تفسير بعض الرواة، فيظن أنه من الحديث، وهو نوع غامض لا ينتبه له إلا الحذاق.

ونظائره (٥) ما وقع في الترمذى وغيره من حديث يونس بن أبي إسحاق عن أبي بكر بن أبي موسى عن أبيه قال: "خرج أبو طالب إلى الشام وخرج معه النبي في أشياخ من قريش - فذكر الراهب، وقال في آخرها -: فرده أبو طالب، وبعث معه أبو بكر بلالًا وزوَّده الراهب من الكعك والزبيب" (٦).

فهذا من الأوهام الظاهرة؛ لأن بلالًا إنما اشتراه أبو بكر بعد مبعث النبي ، وبعد أن أسلم بلال وعذبه قومه، ولما خرج النبي إلى الشام مع عمه أبى طالب كان له من العمر اثنتا عشرة (٧) سنة وشهران وأيام. ولعل بلالًا لم يكن بَعْدُ ولد.


(١) انظر حديث الإفك في الهوامش السابقة.
(٢) في المطبوعة: "أعتقت" وما أثبتناه الأصل.
(٣) في المطبوعة: "تتحادر" وما أثبتناه من الأصل.
(٤) خ: (٣/ ٤٠٨) (٦٨) كتاب الطلاق (١٦) باب شفاعة النبي في زوج بريرة - من طريق عكرمة عن ابن عباس أن زوج بريرة كان عبدا يقال له: مغيث، كأني أنظر إليه يطوف خلفها يبكي ودموعه تسيل على لحيته، فقال النبي لعباس: يا عباس، ألا تعجب من حب مغيث بريرة، ومن بغض بريرة مغيثًا، فقال النبي لو راجعته؟ قالت: يا رسول الله، تأمرني؟ قال: إنما أنا أشفع. قالت: لا حاجة لي فيه. رقم: (٥٢٨٣) وهو من أفراد البخارى.
(٥) في المطبوعة: "ومن نظائره" وما أثبتناه من الأصل.
(٦) سنن الترمذى (٥/ ٥٩٠ - ٥٩١) (٥٠) كتاب المناقب (٣) باب ما جاء في بدء نبوة النبي . رقم: (٣٦٢٠).
(٧) في الأصل: "اثنى عشر".