للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأَخرج البخارى في صحيحه عن محمد بن الحنفية قال: "قلت لأبى: أَيُّ الناس خير بعد رسول الله؟ " قال: "أبو بكر" قلت: "ثم من؟ " قال: "عمر" وخشيت أن يقول: عثمان؛ قلت: "ثم أنت" قال: "ما أنا إلا رجل من المسلمين" (١).

وإنما وقع الخلاف في التفضيل بين على وعثمان، وذهب قوم إلى تساويهما في الفضيلة، وحكى عن مالك ويحيى بن سعيد القطان. وأما ما ذكره ابن عبد البر في كتاب الصحابة: "أَن السلف اختلفوا في تفضيل أبي بكر وعلى" (٢) فقد غُلِّطَ في ذلك ووهِّم، لا سيما وثَبَّتَ بأن من كان يعتقد ذلك من السلف أبو سعيد الخدرى وهذا بعيد. وقد أخرج البخارى في صحيحه عن نافع عن ابن عمر قال: "كنا نخيِّر بين الناس في زمان رسول الله فنخير أبا بكر ثم عمر بن الخطاب ثم عثمان عفان، ثم نترك أصحاب رسول الله لا نفاضل بينهم" (٣).

وقد أنكر ابن عبد البر صحة هذا الخبر وقال: إنه غلط لوجهين:

أحدهما: أَنه حكى عن هارون بن إسحاق قال: سمعت يحيى بن معين يقول: "من قال: أبو بكر وعمر وعثمان وعلى، وعرف لعلى سابقته وفضله فهو صاحب سنة، ومن قال: أبو بكر وعمر وعلى وعثمان وعرف لعثمان سابقته وفضله فهو صاحب سنة". فذكرت له هؤلاء الذين يقولون: أبو بكر بكر وعمر وعثمان ويسكتون فتكلم فيهم بكلام غليظ (٤).


(١) خ: (٣/ ١٢) (٦٢) كتاب فضائل الصحابة (٤) باب فضل أبى بكر عن محمد بن كثير، عن سفيان، عن جامع بن أبي راشد، عن أبي يعلى، عن محمد بن الحنفية قال: قلت لأبى … الحديث رقم (٣٦٧١).
(٢) الاستيعاب: (٣/ ٥٢) قال: "واختلف السلف أيضًا في تفضيل على وأبى بكر".
(٣) خ: (٣/ ١٩) (٦٢) كتاب فضائل الصحابة (٧) باب مناقب عثمان بن عفان - رضى الله تعالى عنه -.
من طريق عبد العزيز بن سلمة الماجشون، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر - رضى عنهما - قال: كنا في زمن رسول الله لا تعدل بأبى بكر أحدًا، ثم عمر، ثم عثمان، ثم نترك أصحاب النبي لا تفاضل بينهم. رقم: (٣٦٩٧)
(٤) الاستيعاب (٣/ ٥١ - ٥٢) =