للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المجاوزة؟. فيجب أن يحمل قول عائشة "إذا جاوز" على حكاية فعلها مع رسول الله لا على قول النبي ، بدليل قولها لما سمعت قضاءَ عليٍّ للمهاجرين بإيجاب الغسل من التقاء الختانين: "ولَمَّا فعلنا ذلك بإذن رسول الله تيممنا واغتسلنا" ولا يحمل فعلها إلا على الجماع الكامل، لا على مجرد التقاء الختانين؛ لبُعد ذلك. ولعل جميع ما ذكره عن المهاجرين من الصحابة كابن عمر وعلى وغيرهم في قول كل واحد منهم: "إذا جاوز الختان الختان" نقلًا من كل منهم لما ذكرته عائشة حاكية عن الفعل المذكور لا عن القول. وكذلك قولها لأبي سلَمة لما سألها: ما يوجب الغسل؟ فقالت: "يا أبا سلمة مثلك مثل الفروج يسمع الديكَة تصرخ فيصرخ معها، إذا جاوز الختان الختان فقد وجب الغسل" وإن لم يحمل قولها على حكاية الفعل وقول الصحابة على حكاية قولها، أدى إلى إلغائه بالكلية؛ لثبوت الروايات الصحيحة عنه في قوله: "إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل" ولمخالفة اشتراط المجاوزة لإجماع العلماء. اهـ.

وقد تكلمت على علل هذا الحديث ومتابعة غير عائشة على رواية هذا عن النبي غيرها من الصحابة: في الثالث من باب الغسل من (الذهب الإبريز في تخريج أحاديث فتح العزيز).

(الحديث الثالث): قال الحافظ أبو بكر البزار في مسنده: حدَّثنا عمرو بن على، ثنا أبو داود، قال: ثنا محمد بن أبي حميد: قال: أنا عبد الله بن عمرو بن أُمية، عن أبيه: "أَن عمر أتى عليه في السوق وهو يسوم بمرطٍ فقال: "ما هذا يا عمرو قال: "مرط (٢) أَشتريه، فأتصدق به" فقال له عمر: "فأَنت أَنت إِذًا" ثم أتى عليه بعد فقال: "ياعمرو ما صنع المِرْط قال: "تصدقت به" قال: "على من قال: "على رفيقة مُرَيَّة" (٣) قال: "أَليس زعمت أنك تصدق به قال: "بلى، ولكني سمعت رسول الله يقول: ما أعطيتموهن من شيءٍ فهو لكم


(١) انظر توثيق عائشة للسنة. ص (١٥٤ - ١٥٦).
(٢) المرْط: كساء من صوف أوخز، جمعه مروط.
(٣) في المطبوعة والمخطوط "رقيقة مزنية" وما أثبتناه من كشف الأستار، أصل المصنف. وهو المناسب للسياق وكتب التخريج الأخرى.