للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجزم الثاني وبالعكس، ومنها ما رواه أحمد عن جابر بلفظ من لا يرحم لا يرحم ومن لا يَغفر لا يُغفر له، ورواه الطبراني عن جرير بهذا اللفظ، وزاد ومن لا يَتب لا يُتب عليه، ومنها ما روياه عن جرير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من لا يرحم الناس لا يرحمه الله، ومنها ما رواه الطبراني بإسناد جيد عن جرير مرفوعا من لا يرحم من في الأرض لا يرحمه من في السماء، ومن شواهده أيضا ما رواه أحمد وعبد بن حميد في مسنديهما والطبراني وغيرهم بسند جيد عن ابن عمر وأيضا مرفوعا ارحموا تُرحموا واغفروا يُغفر لكم ويل لأقماع القول ويل للمصرين الذين يصرون على ما فعلوا وهم يعلمون وغير ذلك مما ذكره السخاوي في بعض تصانيفه، وهذا الحديث مسلسل بالأولية إلى سفيان بن عيينة بزيادة الراحمون يرحمهم الرحمن في أوله كما رواه البخاري في الجنائز، وفي مسالك الأبرار لشيخ مشايخنا الشيخ إبراهيم الكوراني نقلا عن الزين العراقي أنه قال والمشهور أن التسلسل في هذا الحديث إلى ابن عيينة دون بقية الإسناد، وقد رويناه في جزء جمعه ابن الصلاح في جملة طرق هذا الحديث، وأوصل التسلسل فيه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن لا يصح إسناده انتهى، وأقول الذي يدل عليه كلامهم أن المسلسل بالأولية إنما هو الراحمون يرحمهم الرحمن تبارك وتعالى ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء، وأما شواهده الواردة بألفاظ مختلفة فليست منه فليراجع، وقد نظمه الحافظ ابن حجر عاقدا له بقوله:

إن من يرحم أهل الأرض قد ... آن أن يرحمه من في السما

فارحم الخلق جميعا إنما ... يرحم الرحمن منا الرحما

ولغيره: من يرحم الخلق فالرحمن يرحمه ... ويكشف الله عنه الضر والباسا

ففي صحيح البخاري جاء متصلا ... لا يرحم الله من لا يرحم الناسا

وقلت كالغير في البيتين ومشيرا إلى الحديث المسلسل بالأولية في البيت الثالث فافهم:

كن يا أُخي رحيم القلب طاهره ... يرحمك مولاك بل يؤنسك إيناسا

ففي الصحيحين ما معناه متصلا ... لا يرحم الله من لا يرحم الناسا

<<  <  ج: ص:  >  >>