ما فيه سعادتهم في العاجل والآجل - قد اتخذوا منها خصما لدودا لله فأنكروا حكمته وحسن تدبيره وتقديره، وضاق صدرهم ذرعا بتشريعه، وأساءوا الظن به فانتقصوه وردوه، وقد يصابون بذلك وهم لا يدرون؛ لأنهم بغرورهم بفكرهم عميت عليهم معالم الحق والعدل.
فكانوا ممن قال الله فيهم:{قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} .
وكانوا ممن {بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ} .
إن الله سبحانه كثيرا ما يذكر الناس في القرآن بأحوال المعتدين والهالكين، ويحثهم على أن يسيروا في الأرض؛ لينظروا ما كانوا فيه -من قوة ورغد عيش وحضارة وبسطة في العلم- نظر عظة واعتبار، ليتنكبوا طرقهم اتقاء لسوء مصيرهم، ولفت النظر في بعض السور إلى جريمة الغرور الفكري؛ لشدة خطره، وبين أنه الفتنة الكبرى التي دفعوا بها في صدور الرسل وردوا بها دعوتهم، ليعرفنا بقصور عقول البشر أنها لا تصلح لمقاومة دعوة الرسل، وليحذرنا من خطر الغرور الفكري الذي هلك به من قاوم المرسلين.