العبادات والمعاملات واقع في السنة، ثم أين تحريم الجمع بين المرأة وعمتها والمرأة وخالتها؟ وأين تحريم زواج الإنسان بامرأة أبيه؟ ؟
إنما كان هذا كله في المدينة، وتفاصيل الأحوال الشخصية من مواريث، وزيجات، ووصايا، ونكاح، وطلاق، تفاصيل هذا كله إنما كان بالمدينة، في الآيات التي نزلت بالمدينة وبينها الرسول صلى الله عليه وسلم في سنته.
فواقع التشريع، وعمل المسلمين جميعا برهان واضح يدل دلالة ضرورية على أن السنة جاءت بيانا للقرآن؛ بينت في مكة ما يحتاجون إليه، بقدر ما نزل من أحكام أصول التشريع وبينت في المدينة ما طرأت الحاجة إليه من بيوع، ومعاملات، وجنايات، وحدود.
كل هذا لم تنزل تفصيلات آياته إلا في المدينة، ولم يبين الرسول صلى الله عليه وسلم تفصيله قولا وعملا إلا في المدينة.
فهذا الاستدلال بالآيتين استدلال مردود، ولا نقول: الآيتان مردودتان، هذا هو التعبير الدقيق، ما يقال: رد على الدليل بكذا، إنما يقال: رد على استدلالهم بالآيتين بكذا.
وكما قلت ابتداء: إن موقف الداعية من المدعوين يختلف باختلاف حالهم، فمن أنكر الاحتجاج بالسنة جملة اكتفاء بكتاب الله واحتج بالآيتين فالرد عليهم كما سبق ذكره.