ولقد أحسن العلامة أحمد بن عبد الحليم بن تيمية رحمه الله إذ يقول:
"ثم المخالفون للكتاب والسنة، وسلف الأمة من المتأولين لهذا الباب في أمر مريج، فإن من أنكر الرؤيا يزعم أن العقل يحيلها، وأنه مضطر فيها إلى التأويل، ومن يحيل أن لله علما وقدرة، وأن يكون كلامه غير مخلوق ونحو ذلك يقول: إن العقل أحال ذلك فاضطر إلى التأويل، بل من ينكر حقيقة حشر الأجساد والأكل والشرب الحقيقيين في الجنة، يزعم أن العقل أحال ذلك وأنه مضطر إلى التأويل، ومن يزعم أن الله ليس فوق العرش يزعم أن العقل أحال ذلك وأنه مضطر إلى التأويل.
ويكفيك دليلا على فساد قول هؤلاء أنه ليس لواحد منهم قاعدة مستمرة فيما يحيله العقل، بل منهم من يزعم أن العقل جوز وأوجب ما يدعي الآخر أن العقل أحاله، فيا ليت شعري بأي عقل يوزن الكتاب والسنة، فرضي الله عن الإمام مالك بن أنس حيث قال: أوكلما جاء رجل أجدل من رجل تركنا ما جاء به جبريل إلى محمد صلى الله عليه وسلم لجدل هؤلاء؟ انتهى.
هذا وإن فريقا ممن قدسوا عقولهم، وخدعتهم أنفسهم، واتهموا سنة نبيهم قد أنكروا رفع الله نبيه عيسى ابن مريم عليه السلام إلى السماء حيا بدنا وروحا، ونزوله آخر الزمان حكما وعدلا، لا لشيء سوى اتباع ما تشابه من الآيات دون ردها إلى المحكم منها، اتباعا لما ظنوه دليلا عقليا؛ وما هو إلا وهم وخيال.
وردوا ما ثبت من سنة النبي صلى الله عليه وسلم نزولا على أصل أصلوه من عند أنفسهم من أن العقائد لا يستدل عليها بأحاديث الآحاد، واتهامها لبعض الصحابة ومن إليهم فيما نقلوا من الأحاديث في جرأة منهم على الثقات الأمناء من أهل العلم