قطعيا ثابتا بين له الصواب في الحكم، فإن قبل فالحمد لله، وإن أبى بعد البيان وإقامة الحجة وأصر على تغيير حكم الله حكم بكفره، وعومل معاملة المرتد عن دين الإسلام، مثال ذلك: من أنكر الصلوات الخمس أو إحداها، أو فريضة الصيام أو الزكاة أو الحج إلى بيت الله الحرام، وتأول ما دل عليها من نصوص الكتاب والسنة ولم يعبأ بإجماع الأمة.
وأما إذا خالف حكما ثابتا بدليل مختلف في ثبوته، أو قابل للتأويل بمعان مختلفة وأحكام متقابلة فخلافه خلاف في مسألة اجتهادية فلا يكفر، بل يعذر في ذلك من أخطأ، ويؤجر على اجتهاده أجرا واحدا، وعمله بهذا الاجتهاد مشروع، ويحمد من أصاب، ويؤجر أجرين، أجرا على اجتهاده وأجرا على إصابته، مثال ذلك: من أنكر وجوب قراءة الفاتحة على المأموم، ومن قال بوجوب قراءتها عليه، ومثاله أيضا من قال بوجوب العمرة، ومن قال ليست واجبة، بل هي سنة، ومن قال بتوريث الإخوة مع الجد ومن خالفهم فقال: بحجبهم بالجد.. فمثل هذا لا يجوز تكفيره ولا إنكار الصلاة وراءه، ولا يحرم الأكل من ذبيحته، بل تجب مذاكرته والتفاهم معه، ذلك على ضوء الأدلة الشرعية، لأنه أخ مسلم له حقوق المسلمين، والخلاف في مثل هذه المسائل خلاف في مسائل فرعية اجتهادية، جرى مثلها في عهد الصحابة رضي الله عنهم وأئمة السلف، ولم يكفر بعضهم بعضا، ولم يهجر بعضهم بعضا من أجلها.
س ٨٨: سئل الشيخ عن قول الإمام محمد بن عبد الوهاب في كشف الشبهات في حديث ذات أنواط فلم يعذرهم بالجهالة؟
فقال الشيخ -رحمه الله-: "بعد أن قامت الحجة فلا يعذرون، أما قبل البيان فيعذرون بجهلهم، وقول الشيخ محمد بن عبد الوهاب لم يعذرهم بالجهالة