لله على نعمته ووفاء له بما غفر من ذنبه {قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ} .
رابعا: فاض قلبه إيمانا بالله، وعظمت ثقته به وتوكلا عليه، فقصد إليه وحده في غربته وحيرته رجاء أن يهديه سواء السبيل {وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ} ، ولما اشتدت به الحاجة وأخذ منه الجوع مأخذه توجه إلى ربه وسأله من فضله، وأبت عليه عزة نفسه أن يشكو حاجته لغيره، أو يعرض لمن سقى لهما بطلب الأجر، {فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ} وقد استجاب الله دعاه وهيأ له بيئة صالحة يحيا فيها حياة طيبة فقد عرض عليه شعيب لما عرف عنه من القوة والأمانة أن يزوجه إحدى ابنتيه على أن يرعى له الغنم ثماني حجج، فإن أتم عشرا كان ذلك مكرمة منه، فالتزم موسى بذلك، ولم يمنعه ما كان فيه أولا من رغد العيش وحياة الملوك أن يكون أجيرا يأكل ويتزوج من كسب يده، وأشهد ربه على ذلك {قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ} وقد ثبت أنه أتم أبعد الأجلين، فدل على أنه طبع على حب الخير وفعل المعروف.
٥ - وحلقة ثالثة من حياة موسى عليه الصلاة والسلام بعد الرسالة يتجلى فيها