على قومه، وإنذار موسى ومن آمن به أن يذيقهم أليم عذابه، وأنى له ذلك! والله من ورائهم محيط، وقد كتب على نفسه أن يجعل العاقبة للمتقين، {فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الْأَرْضِ فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعًا وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا} .
ومن ذلك أيضا قوله تعالى:{قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَامُوسَى قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى} .. إلا أنه أجمل وأوجز في الاستدلال بهذه الآيات وفصل في تلك.
وقد ورث ذلك الزيغ والإلحاد أناس ظهروا في عصور متعاقبة بأسماء مختلفة، واشتهروا بألقاب متنوعة، فتارة يسمون بالدهريين، وأخرى برجال الحقيقة ووحدة الوجود، وأحيانا بالشيوعيين، وآونة بالبهائيين، إلى غير ذلك من العبارات التي اختلفت حروفها ومبانيها والتقت مقاصدها ومعانيها، فكلها ترمي إلى غرض واحد، وتدور حول محور واحد، هو أنه ليس للعالم رب يخلق ويدبر، ولا له إله يقصد ويعبد، وقد تبين بما تقدم وأمثاله فساد مذهبهم وخروجه عن مقتضى العقل والفطرة وما أيد ذلك وصدقه بعد أدلة السمع.
الرد على من يزعم أن العالم وما فيه وليد الصدفة والاتفاق.
فإن زعم بعد ذلك أن وجود العالم وليد الصدفة والاتفاق، أو أنه نشأت أطواره عن تفاعل عناصر المادة فتفرقت إلى وحدات بعد اجتماع أو اجتمعت بعد تفرق واختلاف، وصار لتلك الوحدات أو المركبات من الخواص ما لم يكن لها قبل ذلك من التفاعل، وبذلك تجددت الظواهر، وحدث ما نشاهد من تغير وآثار مع جريانها على سنة لا تتبدل وناموس لا يختلف ولا يتغير.