للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تأمل سطور الكائنات فإنها ... من الملك الأعلى إليك رسائل

وقد خط فيها لو تأملت خطها ... ألا كل شيء ما خلا الله باطل

تشير بإثبات الصفات لربها ... فصامتها يهدي ومن هو قائل

فلست ترى شيئا أدل على شيء من دلالة المخلوقات على صفات خالقها ونعوت كماله وحقائق أسمائه.

وقد تنوعت أدلتها بحسب تنوعها، فهي تدل عقلا وحسا ونظرا واعتبارا، وفي هذا المعنى قال الشاعر:

تأمل في نبات الأرض وانظر ... إلى آثار ما صنع المليك

عيون من لجين شاخصات ... بأحدق هي الذهب السبيك

على قضب الزبرجد شاهدات ... بأن الله ليس له شريك

توحيد الربوبية هو باب الاستدلال على توحيد الإلهية.

وإذا ثبت بدلالة الصنعة على الصانع، وبأدلة السمع والفطرة وجود الله ووجوب وجوده وتفرده بكمال الصفات والأفعال وجب على العباد أن يخلصوا له العبادة، وأن يسلموا وجوههم إليه في السراء والضراء، وأن يدعوه وحده رغبة ورهبة خفية وجهرة، فهذا هو مقتضى الفطرة، وموجب العقل السليم، وبه جاء النقل الصحيح، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} فجعل سبحانه تفرده بالربوبية خلقا للحاضرين والسابقين، ووضعه الأرض للأنام وتذليله إياها ليمشوا في مناكبها وينعموا برزقه، ورفعه السماء بغير عمد

<<  <   >  >>