للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[سورة النساء]

بسم الله الرحمن الرحيم

من ذلك قراءة أبي عبد الرحمن عبد الله بن يزيد١: "الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامُ"٢ رفعًا، قراءة ثالثة.

قال أبو الفتح: ينبغي أن يكون رفعه على الابتداء وخبره محذوف؛ أي: والأرحام مما يجب أن تتقوه، وأن تحتاطوا لأنفسكم فيه، وحسن رفعه لأنه أوكد في معناه، ألا ترى أنك إذا قلت: ضربت زيدًا، فزيد فضلة على الجملة، وإنما ذكر فيه مرة واحدة، وإذا قلت: زيد ضربته، فزيد رب الجملة، فلا يمكن حذفه كما يحذف المفعول على أنه نيِّف وفضلة بعد استقلال الجملة؟ نعم، ولزيد فيها ذكران:

أحدهما: اسمه الظاهر، والآخر: ضميره وهو الهاء. ولما كانت الأرحام فيما يُعنى به ويُقَوَّى الأمر في مراعاته؛ جاءت بلفظ المبتدأ الذي هو أقوى من المفعول.

وإذا نُصبت الأرحام أو جُرت فهي فضلة، والفضلة متعرضة للحذف والبِذْلة.

فإن قلت: فقد "٤١و" حُذف خبر الأرحام أيضًا على قولك، وقيل: أجل؛ ولكنه لم يحذف إلا بعد العلم به، ولو قد حُذفت الأرحام منصوبة أو مجرورة فقلت: {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ} لم يكن في الكلام دليل على الأرحام أنها مرادة أو مقدرة، وكلما٣ قويت الدلالة على


١ هو عبد الله بن زيد أبو عبد الرحمن القرشي المقرئ القصير البصري ثم المكي، إمام كبير في الحديث ومشهور في القراءات، لقن القرآن سبعين سنة، ثقة، روى الحروف عن نافع وعن البصريين وله اختيار في القراءة، روى عنه ابنه محمد شيخ أبي بكر الأصبهاني، مات في رجب سنة ٢١٣. طبقات القراء: ١/ ٤٦٤.
٢ سورة النساء: ١.
٣ في ك: ولما.

<<  <  ج: ص:  >  >>