للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[سورة القمر]

بسم الله الرحمن الرحيم

قرأ حذيفة: "اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ١".

قال أبو الفتح: هذا يجري مجرى الموافقة على إسقاط العذر ورفع التشاك، أي: قد كان انشقاق القمر متوقعا دلالة على قرب الساعة، فإذا كان قد انشق -وانشقاقه من أشراطها، وأحد أدلة قربها - فقد توكد الأمر في قرب وقوعها. وذلك أن "قد" إنما هي جواب وقوع أمر كان متوقعا، يقول القائل: انظر أقام زيد؟ وهل قام زيد؟ وأرجو ألا يتأخر زيد. فيقول المجيب: قد قام، أي: قد وقع ما كان متوقعا.

ومن ذلك قراءة أبي جعفر يزيد: "وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِر٢".

قال أبو الفتح: رفعه٣ عندي عطف على الساعة، أي: اقتربت الساعة وكل أمر٤ أي: قد اقترب استقرار الأمور في يوم القيامة، من حصول أهل الجنة في الجنة، وحصول أهل النار في النار. هذا وجه رفعه. والله أعلم.


١ سورة القمر: ١.
٢ سورة القمر: ٣.
٣ أي رفع "كل" كما لا يخفى.
٤ قال أبو حيان: وهذا بعيد، لطول الفصل بجمل ثلاث. وبعيد أن يوجد مثل هذا التركيب في كلام العرب، نحو أكلت خبزان وضربت زيدا، بل لا يوجد مثله في كلام العرب. وخرجه صاحب اللوامع على أنه خبر لكل، فهو مرفوع في الأصل، لكنه جر للمجاورة. وهذا ليس بجيد. لأ، الخفض بالجوار في غاية الشذوذ، ولأنه لم يعهد في خبر المبتدأ، إنما عقد في الصفة على اختلاف النحاة في وجوده, والأسهل أن يكون الخبر مضمرا لدلالة المعنى عليه. والتقدير: وكل أمر مستقر بالغوه، لأن قبله: "وكل أمر مستقر بالغوه، لأن قبله: {وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ} . البحر: ٨: ١٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>