للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[سورة الرحمن]

بسم الله الرحمن الرحيم

قرأ أبو السمال: "وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا١"، رفع.

قال أبو الفتح: الرفع هنا أظهر قراءة الجماعة؛ وذلك أنه صرف إلى الابتداء؛ لأنه عطفه على الجملة الكبيرة التي هي قوله "تعالى": {وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ ٢} ، فكما أن هذه الجملة مركبة من مبتدأ وخبر، فكذلك قوله تعالى: {وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا} جملة من مبتدأ وخبر، معطوفة على قوله: {وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ} .

وأما قراءة العامة بالنصب: {وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا} فإنها معطوفة على "يسجدان" وحدها، وهي جملة من فعل وفاعل، والعطف يقتضي التماثل في تركيب الجمل، فيصير تقديره: يسجدان، ورفع السماء. فلما أضمر "رفع" فسره بقوله: "رفعها"، كقولك: قام زيد، وعمرا ضربته، أي: وضربت عمرا؛ لتعطف جملة من فعل وفاعل على أخرى مثلها.

وفي نصب "السماء" على قراءة العامة رد على أبي الحسن في امتناعه أن يقول: زيد ضربته وعمر كلمته، على أن يكون تقديره: وكلمت عمرا، عطفا على ضربته، قال: لأن قولك: "ضربته" جملة ذات موضع من الإعراب؛ لكونها خبر مبتدأ، وقولك: وكلمت عمرا لا موضع لها من الإعراب؛ لأنها ليست خبرا عن زيد؛ لخلوها من ضميره، قال: فلا يعطف جملة غير ذات موضع على جملة ذات موضع؛ إذ العطف نظير التثنية، فينبغي أن يتناسب المعطوف والمعطوف عليه.

وهذا ساقط عند٣ سيبويه؛ وذلك أن ذلك الموضع من الإعراب لما لم يخرج إلى اللفظ سقط حكمه، وجرت الجملة ذات الموضع كغيرها من الجملة غير ذات الموضع، كما أن الضمير


١ سورة الرحمن: ٧.
٢ سورة الرحمن: ٦.
٣ فلي نسختي الأصل: عن، وهو تحريف.

<<  <  ج: ص:  >  >>