للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[سورة الحديد]

بسم الله الرحمن الرحيم

قرأ: "بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم١"، بكسر الهمزة - سهل بن شعيب النهمي.

قال أبو الفتح: قوله "وَبِأَيْمَانِهِمْ" معطوف على قوله: "بَيْنَ أَيْدِيهِمْ".

فإن قلت: فإن قوله: "بَيْنَ أَيْدِيهِمْ" ظرف، وقوله: "بِأَيْمَانِهِمْ" ليس ظرفا. ألا ترى أنه ليس معناه يسعر في إيمانهم؟ فكيف يجوز أن يعطف على الظرف ما ليس ظرفا، وقد علمت أن العطف بالواو نظير التثنية، والتثنية توجب تماثل الشيء؟

قيل: الظرف الذي هو بين أيديهم معناه الحال، وهو متعلق بمحذوف، أي: يسعى كائنا بين أيديهم، وليس بين أيديهم متعلقا بنفس يسعى، كقولك: سعيت بين القوم، وسعيت في حاجتي. وإذا كان الظرف هنا في موضع الحال جاز أن يعطف عليه الباء وما جرته، حتى كأنه قال: يسعى كائنا بين أيديهم، وكائنا بإيمانهم؛ أي: إنما حدث السعى كائنا بإيمانهم، كقول الله "تعالى": {ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ ٢} ، أي: ذلك كائن بذلك.

فعلى هذا التقدير يجب أن يكون قوله: "وبإيمانهم". فأما أن يعلق "بين" بنفس "يسعى" يعطف عليه "بإيمانهم" فلا؛ لما تقدم.

ومن ذلك قراءة سماك بن حرب٣: "وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ٤"، بضم الغين.


١ سورة الحديد: ١٢.
٢ سورة الحج: ١٠.
٣ هو سماك بن حرب بن أوس البكري الذهلي أبو المغيرة الكوفي، أحد الأعلام التابعين. روى عن جابر بن سمرة والنعمان بن بشير وغيرهما، وروى عنه الأعمش وشعبة وإسرائيل وخلق. وثقة أبو حاتم وابن معين. مات سنة ١٢٣. الخلاصة: ١٣٢.
٤ سورة الحديد: ١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>